وما بعد اخر تتطور ظاهرة الشعوذة والتنجيم في موريتانيا ، ضاربة في عمق المجتمع ، على الرغم من انتشار التعليم ووصوله إلى بعض أرياف البلاد، إلا أن الظاهرة تنتشر بشكل كبير وملفت. ويغيب الموت اليوم شباب كثر، ليس بالمرض ؛ بل على يد مشعوذين يدعون علاج الكثيرين بالقران. وأعاد قتل مشعوذين في كثير من المناطق ، لشباب وشابات، خصوصا في مناطق الشرق، طرح سؤال حول حدود رقعة ظاهرة الشعوذة والسحر في موريتانيا ، ومن هي الفئة أو الفئات الاجتماعية التي تتفاعل معها.
، عجز أفراد أسرة منتصف الشهر الماضي، من إنقاذ ابنتهم البالغة من العمر (18عاما) بعد أن قام أحد المشعوذين بخنقها لعدة مرات بهدف إخراج الجني الذي يسكنها. أقرباء الشابة أكدوا وفاتها خنقاً على يد شخص يدعي صاحب الرقية الشرعية علاج المس بالقرآن، وقالوا إن الشيخ قام بربط عنق الشابة بلثامه وشده بقوة لمرات متتالية حتى انقطعت أنفاس الفتاة، وتحول لونها إلى الأزرق، متجاهلاً تحذيرات بعض من ذويها ممن حضروا جلسة العلاج، مدعياً خنقه لـ "الجني" الذي يسكن جسد الفتاة. وأشار الأقارب إلى أنهم تدخلوا بعد فوات الأوان، وحاولوا إنقاذ الفتاة، لكن أنفاسها كانت قد انقطعت تماماً. وتفيد المصادر بأن هذه واحدة من عشرات الحالات التي تكرر حدوثها في مناطق مختلفة من الوطن وبعض الولايات الشرقية .الأخرى المجاورة. يقول ناشط حقوقي الشعوذة والتنجيم وما يكتبه الفقهاء كان قد تراجع قبل سنوات في مناطق الجنوب التي كانت قد انتشرت فيها بقوة، وبدأت تتلاشى بعد أن تعرض العديد من فقهاء الشعوذة للمضايقة والملاحقة واليوم صار المشعوذين، يمارسون مهنتهم بطريقة سرية، وبخوف شديد، حتى لا يعلم بهم ما بات يسمى (بالإسلاميين والجهادين) وقد سبق لهذه التنظيمات وأن أعدمت مشعوذين كانوا يمارسوا الشعوذة بالشكل العلني". ويضيف "ما هو منتشر وبشكل مخيف بات يقلق الناس هو انتشار قارئين القران على المرضى الذين يصابون بالمس والعين والسحر، لأنهم يمارسون بعضهم عملية قراءة القران على المريض ويستخدمون العنف مثل الضرب والتعذيب بواسطة الكهرباء معتقدين إنهم يعذبون (الجن المتلبس بالمريض) بينما في الحالات أوقعت المجتمع صحيا، وتقديم كل الخدمات الصحية للمواطن ، أعاد الماضي إنتاج ذاته وأصبحت الشعوذة في أحد الأنشطة المتنامية، في ظل فراغ الجهاز الطبي في القيام بدوره. إضافة الى ذلك الجهل والفقر وتوفر القناعة لدى بعض افراد المجتمع وايمانهم بالتعافي على يد هؤلاء المشعوذين"ما تزال بيئة خصبة لازدهار الشعوذة، وهذا يعود لأسباب عده اولاً الجهل والتخلف، وثانيا هناك ايمان لدى اغلب الجيل السابق ضحايا وأودت بحياة الكثير من الناس المصابين بالمرض وانتهت بهم الى الموت". تدهور الخدمات الصحية أحد الأسباب وفي ظل تدهور القدرات الطبية لوزارة الصحة العامة وعدم قدرتها على القيام بدورها الأساسي، المتمثل برعاية الذي مازال يصدر تأويل وخزعبلات الشعوذة، كحقائق مؤكدة، وايجابية، لأجيالهم الذين يعيشون في هذه المرحلة". أما السبب الثالث، وحسب القاضي، فيتمثل بعدم التماس المواطن ، البديل المتمثل بالطب المتطور بتقنيته المختلفة، وإن توفر قليلا، فيكون بمبالغ باهظة وطائلة". ويضيف "والحقيقة هو أن الاهالي لم يجدوا تطمينات من العاملين في القطاع الصحي، وفي الوقت نفسه المرضى لم تتولد داخلهم قناعه بذلك، لذا يفضلوا ما هو معتاد ويدفعون مبالغ بسيطة احيانا للمشعوذ، في حين ان بعض من يمارسون المهنة يفرضون مبالغ مالية كبيرة خصوصا عند حصولهم على الشهرة". ويتابع "أغلب المؤمنين بالمشعوذين ستجدهم مرضى نفسيين، وحاله اكتئاب، ومصابين بالوسواس القهري والقلق والضغط النفسي، وهذا يرجع إلى الفراغ القاتل الذي يعيشه المجتمع ، أيضاً عزوفهم عن التعليم والقراءة والانشغال، وإيمانهم بالحكايات والقصص الخرافية التي تراكمت لتصبح شبه حقائق يؤمن بها البعض". النساء الشريحة الأكبر ترددا على المشعوذين لا توجد قوانين تشريعية تمنع ممارسة الشعوذة والسحر ، على الرغم من الضرر البالغ الذي تلحقه الظاهرة بالنسيج المجتمعي والعلاقات بين الأشخاص. وبحسب مسح أجرته منظمة نسوية أهلية -غير رسمية -في العاصمة ، فإن ما قيمته 50 مليون ينفقها، سنوياً، طالبو "علاج" على جلسات وتعاويذ وأدوية وتفيد نتائج المسح إلى أن غالب رواد هؤلاء المشعوذين هن من النساء، اللائي تلجأ الغالبية منهن إلى الدجالين طلباً لـ "تطويع" الزوج ومعرفة علاقاته النسائية خارج إطار البيت والاسرة، فيما تتسلل العديد من العازبات خلسة إلى المشعوذين لعمل "سحر" لم نيكزن في الزواج منهن، وفي كثير من الأحيان انتقاماً ممن اختاروا أخريات بعد علاقات طويلة معهن. الظاهرة في أوساط المتعلمين تتعدد أسباب اللجوء إلى العرافين بحسب المعتقدات والقناعات الشخصية، ولا صلة للأمر إطلاقاً بالثقافة والمكانة الاجتماعية؛ فالمسح يقول إن "من بين المترددين على عرافين في حملة شهادات عليا، وأساتذة جامعات، وفتيات يُصنّفن مجتمعياً من الطبقات الراقية". وبحسب حديث أحد القاطنين بالقرب ممن يمارسون السحر والشعوذة، فإن الأشخاص الذين يترددون على بيت المشعوذ، يمثلون مختلف الشرائح الاجتماعية غالبا، وأكثرهم مسؤولون في الدولة وضباط في الجيش ومعلمون وغيرهم، بمعنى أن المصيبة لا تقتصر على الأميين فحسب؛ بل أنها تطال الجميع
الأعلامي