
إدوم عبدي أجيد.. يكتب : السياحة الداخلية .. دعوة للعودة إلى الجذور
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، برزت الحاجة إلى إعادة النظر في مفهوم السياحة الوطنية، ليس فقط كمصدر للدخل، بل كأداة لإحياء الهوية المحلية، وتحفيز التنمية في المناطق الداخلية، وتعزيز المشاركة المجتمعية.
إنها دعوة للعودة إلى الجذور، لإعادة اكتشاف الوطن بعيون جديدة. ومن هذا المنطلق، جاء التوجيه الأخير لقضاء العطل داخل الوطن.
لم تعد السياحة الوطنية تعني مجرد التنقل بين المدن أو زيارة المواقع الأثرية، بل ينبغي أن تُبنى على رؤية شاملة تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية من استثمار مواردها، وتقديم ثقافتها، وتعزيز هويتها، من خلال مشاريع تنموية مستدامة.
وإذا كنا قد اعتدنا في الماضي على حملات “عودة المزارعين إلى أراضيهم” خلال فصل الخريف لتحسين الإنتاج، فقد أصبح من الضروري اليوم أن يعود كل المواطنين لاكتشاف قراهم ومناطقهم، في ظل إدراك متزايد لأهمية الاقتصاد المحلي الصغير.
لكن هذه العودة لا بد أن تترافق مع تطوير البنية التحتية، وتهيئة البيئة الملائمة للسياحة من حيث النقل، والسكن، والخدمات. ويمكن للمجالس البلدية والجهوية في كل ولاية أن تطلق ورشات عمل فنية وتنموية تهدف إلى:
التعريف ببرامج التنمية المحلية
إشراك السكان في تحسينها
اكتشاف فرص استثمارية صغيرة
تعزيز المهارات المحلية في الحرف والفنون والخدمات السياحية
لا يكفي إصدار التوجيهات من أصحاب القرار فحسب، بل المطلوب هو ترجمة الأفكار إلى ورشات اقتصادية مدرّة للدخل، مع منح المواطنين المعنى والمسؤولية، وفسح المجال لكل منطقة لأن تُبدع وتُعبّر عن ذاتها بما تملكه من ثقافة، وطبيعة، وتاريخ. وهنا يصبح المواطن جزءًا من الفكرة، لا مجرد متلقٍ لها.
الفرص المحلية لا تحتاج دائمًا إلى رؤوس أموال ضخمة، بل إلى الإبداع وروح المبادرة، ودعم بسيط من الدولة أو القطاع الخاص، وبيئة تشريعية مرنة ومحفزة. سواء تعلّق الأمر بالسياحة البيئية، أو الحرف التقليدية، أو الإرشاد السياحي المحلي، فإن هذه المشاريع قادرة على إحداث تغيير عميق في الاقتصاد المحلي.
إننا بحاجة إلى نموذج جديد للتنمية السياحية، يقوم على المشاركة الفعلية للمواطن، وتقدير الخصوصية المحلية، وتحويل الأفكار إلى واقع. إنها ليست مجرد سياسات، بل حركة اجتماعية وثقافية تبدأ من القاعدة، وتُبنى على الإيمان بأن لكل منطقة ما يميزها، ولكل مواطن ما يقدمه. عندئذ، يكون نداء رئيس الجمهورية قد أثمر وتميّز عن سابقاته.
والله ولي التوفيق
إدوم عبدي أجيد
موريتانيا الحدث - elhadeth.mr
#تابعونا