تعيش الأسر في كل مناطق الوطن هذه الأيام أزمة ارتفاع أسعار عدد من المواد منها مادة الخبز التي لم يبقى ممكنا عدم الأهتمام بغلائها بعد أن صارت جزئا رئيسيا لعدد كبير من الوجبات الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها!!
لكن المشكلة التي رافقت هذا التطور المزعج في صعود أسعار المواد الأساسية ومن بينها الخبز هي الكارثة التي نزلت بجزء من الفقراء الذين كانوا يستفيدون بدورهم من توزيع الخبز ويشكلون بعملهم فيه واسطة بين المخابز والحوانيت التي تبيع المادة للسكان مع موادها الأخرى لقد قام أهل المخابز بإلغاء دور الموزعين الذين كانوا يستفيدون بعملهم كوسطاء بين المخابز والحوانيت ويفيدون أسرهم الفقيرة لقد أنهوا مهماتهم ببساطة ومايستفيدون به من عملهم في التوزيع وكانت حجتهم أنهم يريدون تثبيت السعر لقد طردوا المئات من الفقراء الذين كانوا مستفيدين ولم يسلم الخبز من الأرتفاع في السعر فتضاعفت المعاناة الأسعار تتصاعد والفقراء بلا دخول والدولة تراقب الوضع وكأن شيئا لم يكن!!
إن عدم وجود تنسيق دقيق وتعاون بين الدولة والتجار الذين يشرفون على توريد وتوزيع المواد الضرورية يترتب عليه عدم القدرة على التحكم في حركة الأسعار وتأثيرها على المواطن القليل والمتوسط والمتذبذب الدخل الأمر الذي يشكل خطرا حقيقيا يهدد أمن البلد واستقرار ه.
إن صعود الأسعار يأتي من أمرين أحدهما الضرائب الموضوعة على المواد الموردة وهذه تعالج بشيء من التعاون بين المورد الموزع والدولة صاحبة الضرائب المباشرة وغير المباشرة يتم بموجبه وضع أسعار تضمن فوائد للتجار لاتضر المواطنين ،وكل حديث عن خفض للأسعار لم يقترن بدراسة تكلفة البضائع نتيجة الضرائب المباشرة وغير المباشرة فإنه حديث غير جاد ولاجدوى منه.. الأمر الثاني يسبب صعودا للأسعار حالة العرض والطلب للبضائع على مستوى العالم فصعود الأسعار نتيجة الوضع العالمي أصعب علاجا من الذي تسببه الضرائب لكنه ليس مستحيل المعالجة فهو يتطلب تدخلا من الدولة لتعويض التاجر عن فارق الأسعار الفعلية والأسعار المقصودة للتخفيف من الأرتفاع.
إننا حتى الآن لم نرى من الدولة عملا حقيقيا وجديا يعالج التصاعد المطرد في أسعار المواد الرئيسية لقد سمعنا حتى الآن الكثير من الجعجعة ولم نرى إلا القليل من الطحن فما دامت الضرائب لم تتغير حيث نرى أن ٥٥% من مزانية الدولة للسنة القادمة ٢٠٢٢ من الضرائب غير المباشرة وهي التي تحدد تكلفة البضائع فإن العمل لعلاج مشكلة الأسعار لم يبدأ بعد فكيف يكون إذا العمل لخفض الأسعار؟! نسمع كلاما واسعا عن قرارات رئاسية بإنشاء هيئة وطنيية لتزويد السوق بالبضائع الضرورية وبأسعار مناسبة!! كيف يكون هذا ؟ أين المال المخصص لذلك؟ وأين الموظفين المكلفين بهذا العمل ؟وأين المخازن لاحتواء البضائع؟ وأين المكاتب والسيارت الكبيرة للنقل والصغيرة لاستعمال الموظفين؟ وقبل كل ذلك أين القانون المؤسس لهذه المؤسسة التي لن يكون صندوق النقد الدولي الذي نخضع لتعليماته المعادية للفقراء والذي يفرض سياسة الليبرالية وحرية التجارة وليس من الليبرالية وحرية التجارة إنشاء شركة أو مؤسسة للحكومة تزود السوق بحاجته؟! لقد كانت عندنا سونمكس تؤدي مثل هذه الأعمال وغيرها كثير وتمت تصفيتها تنازلا وخضوعا لتوجيهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الراعيان لسياسة الليبرالية العالمية !!
أيمكننا أن نعتبر بعدما ذكرنا أن هناك سياسة جديدة للتحكم في الأسعار؟
إذا كانت هناك سياسة جديدة فإننا لم نراهاولانعتقد أنها ممكنة مالم يتم عمل بموجبه يتم تنظيم الأمور مع التجار وتقايضهم تخفيض بعض الضرائب بتخفيض أسعار يتم تحديد بضائعها وموادها المعنية بوضوح.
ويجب حسب رأينا أن يتضمن أي تفاهم جديد مع التجار و ملاك المخابز حل مشكلة موزعي الخبز البؤساء الذين تركوا في الشارع يعانون مع أسرهم البطالة والجوع،فإذا رجعت أسعار الخبز الآن لما كانت عليه -وهو أمر مشكوك فيه- دون إرجاع الموزعين البؤساء لمهامهم واستفادتهم فإنه لا يكفي فلابد من وجود حل لمشكلة الموزعين الذين ألقي بهم في الفاقة وجوع الأبناء!!!