أصبح من الواضح أن "تجنيد" بعض أطر الولايات ودفعها لتنظيم حملات داعية لخرق الدستور للإبقاء على الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بحجة استكمال المشاريع التنموية وضرورة احترام رأي غالبية الشعب الموريتاني، ليست سوى محاولات للتأثير على قرار الرئيس بترشيح صديق دربه الفريق محمد ولد الغزواني..
ومع أن الرئيس نفسه آثر الصمت والترقب فيما سيتمخض عنه ذاك الحراك، إلا أنه بات محرجاً من ردة فعل الشارع بعد أولى خرجات دعاة المأمورية الثالثة، وهو ما دفع به لإعطاء تعليماته بضرورة التريٌث، بل والإيعاز لبعض وسائل الإعلام بأن قرار تخليف ولد غزواني لا رجعة فيه وهو الوحيد الذي يمكنه أن يكون مرشحاً للأغلبية دون منازع.
وإن كان ولد غزواني يحظى باحترام كبير داخل الأوساط السياسية في موريتانيا بما في ذلك المعارضة الراديكالية، إلا أنه يلقى عداءاً خفياً من شخصيات داخل النظام ومن داخل القصر كذلك، وهي من تسعى جاهدة لإخراجه من المشهد رغم وجود خلافات بينها تسببت في ظهور أجنحة متًفقة على ضرورة إبعاد غزواني لما قد يشكله من خطر على مصالحها، غير أن كل جناح يحاول الدفع بمرشح "جديد" ويحاول إقناع الرئيس وإن بطرق غير مباشرة بتبنيه قبل انعقاد مؤتمر الحزب.
لم يعد يخفى على المراقبين حجم الخلافات التي وصلت حد العداء بين رئيس البرلمان الشيخ ولد بايًه والوزير الأول الأسبق يحي ولد حدمين خصوصا وأن الأول هو من عجًل بإقالة ولد حدمين غير أن الأخير نجح في الإبقاء على نفسه وإن بحقيبة معنوية تمكنه من ردً الفعل وضرب الخصوم من تحت الحزام، وإن بعدو الأمس الوزير مولاي ولد محمد لغظف الذي يحاول جناح "يحي" الجديد الدفع به كخليفة للرئيس محمد ولد عبد العزيز نكاية بمرشح رئيس البرلمان، بينما يريد ولد بايًة أن ترسو السفينة على صديقه المُقرًب سيدي محمد ولد محم، وهو خيًار يسعى ولد بايًه جاهداً للدفع به مستغلاً وجود الرئيس في ضيافته هنالك في صحاري تيرس.
باتت الأمور واضحة على الأقل في الواجهة المدنية للنظام، صراع لأجل "إبعاد" غزواني عن القصر، في حين يتأرجحُ خيار المعارضة بين شخصيات كانت جزءاً من النظام نفسه وربما خياراً مطروحاً لمن يسمون الأغلبية الرئاسية، لكن ما لم يتضح حتى الآن هو الخيار "الفيصل" أي من ستتبناه المؤسسة العسكرية والأمنية والمحيط الإقليمي والشركاء الدوليين؟.
السفير