حديث ذو شجون من الواقع البعيد من الخيال لفتاة تزوجت وهي طفلة تدرس في الصف الثالث ابتدائي وتحديدا في مدرسة رقم 7 بالعاصمة وأنجبت وربت وتعلمت أحسن تعليم ، وتؤيد تلك التقاليد والقيود المبنية على الكتاب و الشرع دون الرضوخ والخنوع .... والسبب هاهنا يا أولي الألباب والقلوب. .....
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) صدق الله العظيم .
زواج القصر أو القاصرات هو زواج رسمي بالعرف والشرع و الذي كان سائدا في المجتمعات العربية والإسلامية منذ قرون مضت إلى يومنا هذا وهو زواج يتم دون سن البلوغ وهي 18 سنة ولنا في خير البرية الأسوة الحسنة ، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين ، ودخل بها وهي بنت تسع سنين ...
فقد ثبت في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( رأيتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال : هذه امرأتك ، فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ) رواه البخاري .
ولهذا فمهما طبل المطبلون للقوانين الوضعية في العالم الغربي الذي يحرم هذا النوع من الزواج ويقول أنه مصدر ضرر كبير و أن الغالبية العظمى من الأطفال المتضررين في نظرهم من تلك الممارسات هم من النساء ( الفتيات) ،إلا أن المجتمعات الغربية تبيح ماهو أدهى وأمر من الاختلاط و العلاقات الغير شرعية بين كل الفئات ابتداء من الطفل إلى الشيخ العجوز بسم قانون الحريات الشخصية وهو ما أظهر نتائج وخيمة بين مجتمعاتهم تنهشهم نهشا من أمراض فتاكة لاعلاج لها نتيجة انتشار الفاحشة بين صفوفهم رغم كل التقدم العلمي والتطور التكنلوجي والتقنيات الحديثة .
بينما مجتمعنا ظل إلى عهد قريب تنتشر فيه ظاهرة الزواج المبكر أو زواج القاصرات كما يسمونه ومع هذا كان مجتمعنا من أنظف المجتمعات و أطهرها على الإطلاق رغم صعوبة العيش وقساوة الحياة وجفائها وعدم توفر الكثير من مقومات الحياة البسيطة مثل الماء والكهرباء ، وقد يقول دعاة التطور والحداثة أن مجتمعنا يعاني
معظمه من أوضاع اجتماعية واقتصادية متدنية نتيجة أن المرأة قد تجد نفسها مسؤولة عن أسرة بسبب شيوع ظاهرة الطلاق في المجتمع ومع ذلك أقول لهؤلاء و لأولئك أن أطفال تلك الأجيال أكثر تربية وتعليما واخلاقا من أجيال اليوم ، وإن استمرار الزواج لتلك الأجيال أكثر طولا وأكثر قناعة بالموجود وأكثر استقامة ....
و مانشاهد اليوم من عزوف بعض الفتيات عن الزواج في انتظار من رسمن في خيالهن المريض الذي نسجنه من وحي أفلام و مسلسلات لا تمت إلى الواقع بشيء ، هدفهم الحصول على المادة دون أدنى تفكير في الأولاد والاستقرار .
والحال ينطبق كذلك للأسف الشديد في عزوف بعض الشباب عن الزواج الذي قد يطول في انتظار ما يقول الكثير منهم : (تأمين الحياة ) من المنزل والسيارة ورصيد أو أرصدة في البنوك ، جهلا أو تجاهلا منهم أن الله تبارك وتعالى قسم الأرزاق على عباده وضمن الرزق لكل مخلوقاته وجعل عباده متفاوتين في كل شيء فيهم الغني والفقير وفيهم الصحيح والمريض .
وقد يقول فريق من اولئك المتملقين انه في حالات كثيرة، يكون أحد الزوجين طفلا، وعادة ما تكون الأنثى ، هي المرغوب في صغرها لأهمية العمر المحدود للإنجاب بالنسبة لها بعكس الزوج الذي يظل ينجب وحتى آخر يوم في حياته .
والسبب في ذلك هو الخوف عليهن من أشياء كثيرة من بينها العنوسة السائدة والمتفشية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم ولو ظل المجتمع على ماهو عليه لما كانت العنوسة بهذا الحجم الخطير الذي يشكل خللا كبيرا في توازن المجتمع والذي لا ينتبه الكثير إلى خطورته وهو ما سيتضح مع مرور الأيام وتحول الأزمان و انتشار التسيب وغياب الوازع الديني المحكم بالضوابط الشرعية التي هي الرادع الأول والأخير المسير والمنظم للمنظومة البشرية التي نهل من معينها المنظرون والداعمون لزواج القصر الذي ظل شائعًا على مر تاريخ البشرية الى اليوم و على نطاق واسع خصوصا في المناطق النائية البعيدة عن مغريات الحضارة وقشورها .
وقد يقول المتقولون من دعاة حقوق الإنسان إننا نسمع العديد من القصص المخيفة تهويلا وتشنيعا حول زواج الفتيات القاصرات حيث إنهن ينتقلن فجأة من عالمهن الجميل إلى عالم آخر بعيدا كل البعد عن الطفولة والبراءة و يتبدل دورهن من الاهتمام بألعابهن وبأحلامهن الى بيت وزوج وطفل يطالبها بدورها الامومي وهي ما زالت تحتاج حاجته ذاتها بل ربما اكثر،
أقول لهم كيف استقامت آلاف الأسر عشرات السنين وأنجبت وربت أحسن تربية وخرجت أجيالا سطروا تاريخ أمة وأمجاد حضارة وتراث مجتمع في الوقت الذي لم يكن هنالك مربون جدد يربون النشء على نمط من الحياة بعيدا عن الفطرة السليمة والأخلاق الحميدة فكيف ونحن يشاركنا ألف مرب في البيت الواحد من مختلف بقاع العالم وبمختلف الأجناس والاصناف
وكيف لأم تزف إلى زوجها وهي لا تعرف أدنى شيئ عن العلاقة بين الرجل والمرأة ومع هذا استطاعت أن تعيش مع زوجها عقودا طويلة في سعادة لا يدركها مرضى القلوب ، أولئك الذين يدعون إلى الحرية في جو تشوبه العولمة المقيتة من مسلسلات وافلام إباحية تعلم وتكلم الرضيع قبل الأوان ما لا تعرفه العجوز اليوم من ذلك الزمان وتنطقه ابجديات الكلام ، كلمات يعجز عن نطقها الشيخ تحت لحاف لأنه تعلم العلم الصحيح من الأهل والمحيط والجيران منبع الفضيلة والعفة بعيدا عن شعارات جوفاء تدعى بحقوق الانسان،
و اقول لهؤلاء واولئك انهم مهما حاولوا اقحام مجتمعنا بكل السبل باسم الحقوق والمواثيق الفاشلة البعيدة من القيم والثوابت والأخلاق ، نابعة من قوانين مقيتة لا تخضع للمعيار الأخلاقي وقت المساءلة القانونية التي بلغت عندهم حد التدخل بين الولد ووالديه في حال محاولتهم تربيته التربية السليمة، حينها قد يلجأون إلى حرمان الأبوين بتسليم أبنائهم إلى اسرة أخرى ، أي قوانين هذه وأي منظومة للاحوال الشخصية .
فالشرع الإسلامي كفيل بحل كل معضلة وهو المنهاج الصحيح لعلاج القلب والنفس ولهذا أمر بما تميل النفس إليه وتهواه من نكاح الأبكار ؛ بل أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، إرشاد رعاية وعناية ؛
قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ:( أَتَزَوَّجْتَ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟» قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: «فَهَلَّا بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ) . رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم : تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة . رواه أبو داود والنسائي.
من صفحة : مريم سيدي محمد