احتجت المعارضة الموريتانية أمس على «إفصاح الرئيس محمد ولد عبد العزيز في خطاب سياسي أمام مناصريه في مدينة روصو جنوب موريتانيا عن إشارات تشير لعزمه تعديل الدستور من أجل البقاء في السلطة أخرى».
وأكدت في بيان وزعته أمس تزامنًا مع الحملة الانتخابية المشتعلة حاليًا في عموم موريتانيا تمهيدًا لانتخابات الأحد المقبل «أن الرئيس أفصح عن الهدف الحقيقي من الحملة المحمومة التي يقوم بها، حسب تعبيرها، وذلك بقوله «إن تحقيق المأمورية الثالثة يتطلب أغلبية في البرلمان تمكن من تمرير التعديلات الدستورية».
ونفى رئيس حزب الاتحاد الحاكم في تغريدة «تويترية» على حسابه ما ورد في بيان المعارضة، وأكد أنه كلام غير دقيق المرة»، بينما اعتبر أنصار الرئيس في ردود أخرى على المعارضة «أن من حق الرئيس وحزبه البحث عن تحقيق هذه الأغلبية خلال الانتخابات المقبلة، حيث لا يمنعه من ذلك أي مانع لا دستور ولا قانون».
وأوضحت المعارضة «أن كشْف من سمته رأس النظام عن نواياه الحقيقية المتمثلة في الاستمرار في اختطاف السلطة- يحول رهان الاستحقاق الحالي من انتخابات نيابية عادية إلى معركة فاصلة من أجل إنقاذ البلد وتأمين مستقبله».
ودعت في بيانها «الموريتانيين والموريتانيات ليعوا مسؤولياتهم في هذه الاستحقاقات المصيرية، وليحبطوا المخطط الجهنمي الذي يعمل له رأس السلطة من أجل الاستمرار في ارتهان مصائرهم وثرواتهم».
ودعت المعارضة «جميع القوى السياسية الوطنية، من أحزاب وتجمعات شبابية ومجتمع مدني ومدونين وشخصيات وقادة رأي، إلى أن يتضامنوا ويجعلوا مصلحة البلد فوق كل الاعتبارات، ويعملوا بجد وحزم من أجل إنقاذ البلد في هذا المنعطف الحاسم من خلال هزيمة لوائح الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم)».
وأكدت المعارضة «أنها تضع من يساندون المشروع المدمر لرأس النظام أمام مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية وما قد يترتب على مواقفهم من نتائج وخيمة على البلاد والعباد». وانتقدت المعارضة العشرية الأخيرة التي تولى الرئيس محمد ولد عبد العزيز الحكم فيها مؤكدة «أن موريتانيا عرفت خلال حكم هذا النظام أسوأ فترات تاريخها»، مضيفة «أن فترته كانت حقبة طغيان الحكم الفردي، وانتكاسة المسلسل الديمقراطي، واحتقار القانون، وامتهان وإذلال المواطن، ونهب الخيرات الوطنية دون خجل، وتفليس الشركات الوطنية، وإفقار المواطنين وإثقال كواهلهم بالضرائب وارتفاع الأسعار، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، وفساد الإدارة، وتهديد الوحدة الوطنية بإذكاء النعرات العرقية والقبلية والشرائحية، وتحول الطرق الوطنية إلى حفر ومطبات تحصد الأرواح ويتلف الممتلكات، والإثراء الفاحش لرأس النظام وحاشيته القريبة عن طريق العمولات والرشوة والاستحواذ على الأراضي والعقارات». «ذلكم، تقول المعارضة الموريتانية، هو الوضع الذي يدعو رأس النظام إلى استمراره من خلال الدعوة للتصويت للوائح حزبه، حزب الاتحاد من أجل الجمهورية». «لقد اكتوى الموريتانيون، تضيف المعارضة، بنار هذا النظام ولن يقبلوا بعودته، خاصة وأن دستور البلاد يحظر على رأس النظام الترشح لمأمورية ثالثة، كما أنه هو قد صرح مرارًا أمام الرأي العام الوطني والدولي بعدم نيته التقدم لمأمورية جديدة». وشددت المعارضة في بيانها التأكيد على «أن هزيمة لوائح حزب السلطة تعني الوقوف في وجه مخطط رأس النظام الرامي إلى استمرار حكم التسلط والتفقير والفساد وما يقود إليه من مخاطر الانسداد السياسي وعدم الاستقرار والقلاقل، كما تعني انتصار الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة طبقًا لمقتضيات الدستور وما يضمنه هذا الانتقال السلس من سلم اجتماعي ووفاق وطني، وما يفتحه من آفاق واعدة تجنب البلد المخاطر التي عصفت ببلدان كثيرة بسبب تسلط قادتها وتشبثهم بالسلطة وحبهم الأعمى للثروة».
وبينما يجري هذا التنابز السياسي انشغل الكتاب والمعارضون بمجريات ونتائج وانعكاسات الانتخابات التي ستشهدها موريتانيا مطلع سبتمبر المقبل، حيث تتوزع قوائم الأحزاب المشاركة فيها بواقع 1559 قائمة للانتخابات البلدية، و161 قائمة جهوية فيما بلغ عدد القوائم المتنافسة في الانتخابات النيابية 528 قائمة على مستوى المقاطعات، و97 قائمة وطنية و87 قائمة للنساء. وأكد الكاتب الإعلامي الناشط في الموالاة محمد الشيخ سيدي محمد في مقال بعنوان «الرئيس هو البوصلة»، «أن انتخابات 1 سبتمبر2018 ستقول كلمتها الفصل، فالرئيس باق بناخبين جدد، وبسياسيين جدد، وبأحزاب ولو لم تكن أحزابًا جديدة مئة في المئة». ودعا المدون النشيط محمد الأمين الفاضل، المحسوب على المعارضة، في رسائل وجهها للناخب الموريتاني أمس إلى «معاقبة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بالتصويت ضده، فترشيحات هذا الحزب لم تخضع لأي منطق، فلا هي كانت بالترشيحات السياسية التي تعطي الأولوية للقيادات الحزبية، ولا هي كانت بترشيحات من أجل المواطن ومصلحته، بل على العكس فقد كانت ضد مصلحة المواطن، وشكلت في مجملها إساءة إلى هذا المواطن». وأضاف الكاتب: «إن الرئيس محمد ولد العزيز تحدث تلميحًا وتصريحًا بأن من يريد ولاية ثالثة عليه أن يصوت لمرشحي الحزب الحاكم، ولذا فإن الانتخابات المقبلة ستكون بين من يريد ولاية ثالثة ومن يقف ضدها، ومن هنا يكون من واجب كل من يخاف على مستقبل بلاده أن يصوت ضد الحزب الحاكم، فالتصويت للحزب الحاكم يعني تشريع ولاية جديدة، وتشريع ولاية جديدة يعني تشريع انقلاب عسكري جديد قد يضع البلاد أمام منزلقات خطرة».
القدس العربي