دعت المعارضة الموريتانية، أمس، حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز «لتصحيح المسار المنظم للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المقررة مستهل سبتمبر المقبل حتى لا تتعرض موريتانيا لأزمات ما بعد الانتخابات الفاشلة التي عصفت بأمن واستقرار العديد من البلدان».
جاء التعبير عن هذا الموقف الذي يشير إلى صيف انتخابي ساخن في بيان ردت به المعارضة على تغريدة لرئيس حزب الاتحاد الحاكم سيدي محمد ولد محم، أكد فيها «أنه بعد المنازلة الانتخابية، وبعد أن وضعنا كل شروط اللعبة وقواعدها، علينا أن نتعامل مع نتائجها والواقع السياسي، التي ستثمر كمشروعية وطنية أفرزتها صناديق الاقتراع، فالبرلمان القادم سيمارس كل صلاحياته الدستورية نيابة عن الأمة الموريتانية، وعلى القوى السياسية تقبل ذلك بصدر رحب».
ووصفت المعارضة «تغريدة» رئيس الحزب الحاكم بأنها «كلمة باطل أريد بها باطل».
وأضافت: «عندما يقول الحزب الحاكم إنهم وضعوا «كل شروط اللعبة وقواعدها»، وإنها «ستثمر مشروعية وطنية»، فإنه يحاول عبثًا قلب حقائق يعرفها كل الموريتانيين، أو أنه يخاطب بشرًا ليسوا ممن يسكنون هذا الوطن، لقد تناسى أن الجميع شاهد على أن «الشروط والقواعد» التي بنوا عليها المسار الانتخابي الحالي فاقدة لكل شروط وقواعد المشروعية والشفافية والنزاهة».
«فلجنة الانتخابات، تضيف المعارضة، التي تدير نظريًا هذا المسار تم تعيينها في خرق سافر للقانون المنشئ لها، كما تم تشكيلها على أسس يعرف الجميع أنها أبعد ما تكون من المعايير المطلوبة من استقلالية وخبرة وحياد، وقد برهنت الخطوات الأولى لهذه اللجنة على ارتباكها وعدم مهنيتها وعدم تقيدها بالقوانين والنظم التي تحكم المسلسل الانتخابي كتمديد آجال التسجيل، والتسجيل عن بعد».
وتابعت المعارضة احتجاجها قائلة: «أما عملية الإحصاء الانتخابي والتسجيل على اللائحة الانتخابية، فقد أوكلتها لجنة الانتخابات إلى جهاز تابع مباشرة للسلطة التنفيذية التي يعلم الجميع عدم حيادها، بل اندفاعها التام كطرف في هذه المنافسة الانتخابية، وقد شابت خروقات عدة إعداد هذه اللائحة، مثل عمليات التسجيل الغيابي الواسعة، والقفزات الكمية التي عرفتها خلال الأيام الأخيرة دون أن يشاهد إقبال على مكاتب التسجيل يبرر ذلك، وكذلك اعتماد التسجيل عن بعد، المخالف للقانون، لعدة أيام قبل توقيفه دون حذف من سجلوا من خلاله. أما مكاتب الاقتراع فيتم تشكيلها دون تشاور من طرف اللجنة، مع العلم بخطورة دور رؤساء وأعضاء هذه المكاتب الذين أثبتت التجارب الماضية خضوع العديد منهم لتأثير الإدارة ولسلطان أصحاب النفوذ المالي والتقليدي».
«إضافة إلى هذه العوامل التي تبرهن على فساد «الشروط والقواعد» التي تأسس عليها هذا المسار، تضيف المعارضة، فإن تعدد اللوائح والاقتراعات بصورة متزامنة سينجم عنه إرباك للناخبين ينضاف هو الآخر إلى ارتباك لجنة الانتخابات وعدم تجربتها وعدم مهنيتها». وتابعت: «إن المسار الحالي، بما يشوبه من عيوب جوهرية وتسيير أحادي، يدفع إلى فوضى انتخابية عارمة قد تجر البلد إلى منزلقات خطرة، ومن ثم فإن هذا المسار لا يمكن أن يثمر «المشروعية الوطنية» التي يدعيها رئيس حزب السلطة، ولا أن تؤسس لما يبدو أنه يهيئ له من انقلاب دستوري «نيابة عن الأمة الموريتانية».
«إننا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، يضيف البيان، نجدد موقفنا المبدئي الرافض للتسيير الأحادي لهذه الانتخابات وللخروقات التي تطبع العملية من أساسها، وندعو كل الوطنيين الغيورين على مصلحة البلد إلى اليقظة والوقوف في وجه المناورات التي تهدف إلى سد باب التغيير الديمقراطي والتناوب السلمي على السلطة، كما نجدد دعوتنا لتصحيح المسار الانتخابي حتى نجنب بلادنا أزمات ما بعد الانتخابات الفاشلة التي عصفت بأمن العديد من البلدان واستقرارها».
وفي إطار الاحتجاجات المتواصلة للمعارضة على المسار الانتخابي، ذكرت المعارضة في رسالة وجهتها لرئيس اللجنة المستقلة للانتخابات بعدد من المشاكل المطروحة المتعلقة بقضايا جوهرية وأخرى إجرائية، منها على الخصوص «عدم تمثيل اللجنة المستقلة للانتخابات، التي تم تشكيلها اقتصارًا على الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة التي دخلت في حوار مع السلطة، وحرمت منها تشكيلات سياسية وازنة من المعارضة الديمقراطية، وذلك في خرق للقانون المنشئ لهذه اللجنة»، وفق تعبير المنتدى المعارض.
«إن هذه القضية الجوهرية لا تزال مطروحة، تضيف المعارضة، وبدون حلها سيبقى المسار الانتخابي الحالي موضع شك وريبة من طرف طيف سياسي واسع، نظرًا للأحادية وللإقصاء اللذين يطبعان تسييره». وتحدثت المعارضة في رسالتها عن الاحتياطات الضرورية لتأمين البطاقات الانتخابية وبطاقة الناخب، مؤكدة على «عدم إسناد طباعتها وسحبها إلا لمؤسسات مشهود لها بالخبرة والأمانة ومعلن عنها بصورة شفافة».
وطالبت المعارضة كذلك «بإخضاع مكاتب الاقتراع لمعايير واضحة وتوافقية، لما أثبتته التجارب الماضية من ضلوع العديد من رؤساء وأعضاء هذه المكاتب في عمليات التزوير، وخضوعهم لتأثير السلطة وأقطاب التأثير المالي والتقليدي».
وخلصت إلى التأكيد «بأن حل القضايا الجوهرية والإجرائية التي أثارتها، تتوقف عليه إمكانية تنظيم انتخابات في ظروف مقبولة، وبدون ذلك فإن المسار الانتخابي الحالي يتجه نحو انتكاسة ستكون لها عواقب غير محمودة علينا جميعًا».