قد يكون التحزب أو الانتماء إلى الحركات السياسية، أو الحقوقية يتسم في بعض الأحيان ببعض السلبية؛ إن لم يكن في غالبه؛ لكن أن أكون وطنيا في جميع مواقفي السياسية؛ وغيرها أمر صعب.... في عُرْف الساسة أو الرأي العام الموريتاني اليوم... فما هي الأسباب في نتاج ذلك؟ وما هي التحديات التي تواجه السياسي الموريتاني لتكون حجر عثرة في خروجه من طابع الفئوية السياسية وتغليب المصلحة الفردية على خدمة وطن تربى وترعرع في حجره منذ سنين؟
انطلاقا من فرضية أن السياسة "لعبة مصالح مقيدة بالمبادئ" هل إذا كنتُ سياسيا، يعني ذلك أن أكون مخادعا للغير؟؛ لا أَفي بوعد...؛ وأتلكأ كذبا يوما بعد يوم... وهل لا أكون سياسيا متميزا أو على الأصح ناجحا إلا إذا طبعت تصرفاتي تلك المواصفات...؟
علينا كمجتمع مسلم له خصوصيات الدين الإسلامي...؛ ومميزات العروبة... أن نزن كل أعمالنا على القيم الإسلامية والحضارية التي كان عليها الكثير منا في عهد قريب "وليس العقيد الراحل ولد بوسيف إلا مثالا على ذلك" فقد سأله ولد منكوس إبان الانقلاب على الرئيس المختار ولد داداه رحمهما الله تعالى، قائلا: ينبغي أن تكون معنا في هذا الأمر؛ فرد عليه " أنا لا أحب أن اكون غدارا، لا أحب أن أكون خائنا، فالرئيس قد كلفني بحمل الأمانة؛ فكيف أخونها؟" وهنالك الكثير من الأمثلة على الصدق في الولاء والانتماء والتفاني في خدمة الوطن لا أستطيع سبر غورها حاليا...ولكن يلزم التنبيه إلى أنه لا بد للمرء أن يحتفظ لنفسه بماء وجهه في أغلب مواقفه؛ وأقرب دليل على العكس هو سياسة الانتقاد المتكرر للرئيس المخلوع "ولد الطايع" من أقرب مقربيه حينها وقد سبق وأن تزلفوا له بكلمات قمة في الولاء الأعمى؛ إلا قلة....؛ وهؤلاء اليوم من أقرب مقربي الرئيس الحالي محمد ولد العزيز؛ ويتفوهون بكلام آخر تزلفا له من قبيل: نريد مأمورية ثالثة ورابعة وخامسة...؛ فسبحان مُغير الأحوال!؛ فكأن لسان الحال يخاطبهم:
لا خير في وُد امرئ متملق ***إذا الريح مالت مال حيث تميلُ
فما أجمل الود لو كان صادقا؛ ما أجمل أن تكون دعوات الترشح لمأمورية ثالثة صادقة ونابعة من القلب...فقد تكون فيها مصلحة والعكس صحيح؛ لكن للأسف إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم ونظرنا بتفحص إلى سياستنا وانتمائنا سنُدَونُ الكثير من الملاحظات والأخطاء التي لا تُعبر إلا عن سياسة التحربل في المواقف السياسية؛ فقد تجد من ينتمي إلى حزب أو جهة ويأتي إلى أخرى بلون ووجه آخر؛ خدعة للغير وتماشيا مع مقولة "ال ما نافق ما وافق" وكأنها حديث صحيح... ؛ وهي كلام باطل يدعو إلى باطل ... الأمر الذي يُنْبئُ أن سياسة البعض مرسومة بترَسخ القيم السيئة في أدمغة البعض اليوم...؛ وكأننا لسنا مجتمع البيظان الذي عُرف بالشهامة والشجاعة في المواقف؛ وخرج من رحمه؛ الأمراء ورجال العهد والوفاء في زمن السيبة... فهل سنكبر أربعا على صدقنا ومواقفنا كلما بدأت السياسة أو لاحت في الأفق؟