طالب حزب اللقاء الديمقراطي الوطني المعارض الذي يقوده وزير العدل الأسبق محفوظ بتاح، في وثيقة سياسية وزعها أمس «الفاعلين السياسيين والقوة الحريصة على مستقبل موريتانيا، بتشكيل تكتل تأريخي، لكسب رهان الديمقراطية، بسد الطريق أمام بقاء محمد ولد عبد العزيز في السلطة بعد 2019، بشخصه أو عن طريق أحد إمّعته».
وأكد الحزب الناشط ضمن منتدى المعارضة مع أنه لم يقاطع الاستفتاء الماضي «أن المرحلة الحالية، يجب أن تكون مرحلة تعبئة شاملة، لخلق الظروف الكفيلة بطي صفحة النظام التسلطي، المتخفي تحت واجهة ديمقراطية مزيفة»، حسب تعبيره.
«على هذا «التكتل التأريخي» المنشود، يضيف حزب اللقاء، أن يخلق إطارا جديدا للعمل المشترك، يستخلص الدروس والعبر من التجارب الماضية، ويكون تنظيمه وطرق عمله، مكرسة لبلوغ الهدف المزدوج، المتمثل في منع النظام القائم من البقاء في السلطة وكسب رهان الديمقراطية».
«إن هذا «التكتل التأريخي» وحده، تقول قيادة حزب اللقاء، هو الكفيل بتغيير موازين القوى وبفرض واقع سياسي، يمنح الموريتانيين حق الاختيار الحر لقادة البلد، بحيث يصبح التناوب السلمي على السلطة متاحا، عبر تحرير الطاقات الخلاقة لأبناء الشعب، بغية رفع تحديات التنمية وبناء موريتانيا موحدة، مزدهرة، متصالحة مع ذاتها، تضمن المساواة والعيش الكريم لكافة أبناء شعبها».
وجدبت قيادة حزب اللقاء «خنق الصحافة الخصوصية وإغلاق قنوات التلفزة غير العمومية»، وطالبت «بتمكينها من إعادة البـث بلا قيـد ولا شـرط».
وأكدت «أنها خلصت في تحليلها لحالة موريتانيا السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى أن البلد يعيش حالة تدهور مقلقة، على كافة الأصعدة؛ فعلى الصعيد السياسي تفاقمت الأزمة السياسية الخانقة، التي أفرزتها ردة أغسطس 2008م، بعد مهزلة الاستفتاء الدستوري الأخير، غير المبرر سياسيا وغير المؤسس قانونا؛ استفتاء كشف عن حجم تسلط النظام واحتقاره لإرادة الشعب، من خلال إقدامه على تزوير مقرف، لتمرير تعديلات دستورية رفضتها الغالبية العظمي، وازدراها الرأي العام الوطني».
«إن هذه التعديلات، يضيف حزب اللقاء بإلغائها لمؤسسات مستقلة، كان بإمكانها الحد من تغول السلطة التنفيذية، تكرس هيمنة هذه السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، معززة بذلك الطبيعة الفردية والتسلطية للنظام، واضعة عراقيل أمام التناوب السلمي على السلطة، كما أن هذه التعديلات تشوه العلم الوطني، الذي يرمز إلى المعتقدات والقيم الروحية، التي توحدت حولها مختلف مكونات الشعب الموريتاني، في إطار دولة لا زالت فتية، لم ينجح شعبنا تأريخيا في بناء دولة جامعة من قبل».
وزادت قيادة الحزب «إن عمق الأزمة السياسية، يتجلى بوضوح في إصرار النظام على إسكات جميع الأصوات، التي تعارض نمط تسييره السلطوي للبلد أو تقف في وجه تعديلاته اللادستورية، فلم يتردد أبدا في تدجين القضاء، كما يشهد على ذلك ما يمارسه اليوم من تعسف وظلم ضد بعض الشيوخ والصحافيين ورؤساء كبريات فدراليات العمال بالبلد، كما دأب على تضييق الحريات العمومية، التي يكفلها الدستور والقوانين المعمول بها بما في ذلك إحكام قبضته على وسائل الإعلام العمومية ومحاصرته لوسائل الإعلام الخصوصية، بحجج ممجوجة وواهية».
وانتقد حزب اللقاء في وثيقته الحالة الاقتصادية للبلد مؤكدا «أنه برغم الدخل المالي المتحصل عليه خلال السنوات الأخيرة، لاسيما إبان فترة ارتفاع أسعار الحديد، والزيادة المتصاعدة للإيرادات الضريبية، فقد شهدت المديونية الخارجية للدولة ارتفاعا مذهلا، أوصلها إلى قرابة 100% من المنتج الداخلي الخام، حيث بلغت 5 مليارات دولار أمريكي، بينما كانت في حدود 1.8 مليار دولار سنة 2008، في حين بلغت المديونية الداخلية مستويات قصوى لم تعرفها البلاد من قبل، وأصبح العديد من مؤسسات الدولة على وشك الإفلاس المالي، بينما ظلت قيمة العملة الوطنية مقابل مختلف العملات الصعبة في تدهور مستمر، فقد انتقل مثلا سعر صرف اليورو من أقل من 340 أوقية إلى أزيد من 420 أوقية لليورو الواحد، ما بين أغشت 2008 وبداية ديسمبر 2017».
وانتقد الحزب الحالة الاجتماعية، فأكد «أن المؤشرات الاجتماعية، التي يتبجح بها النظام، كتراجع نسبتي الفقر والبطالة، تفندها معطيات الواقع، وتدهور الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والمياه الصالحة للشرب».
«وانطلاقا من هذا، يضيف حزب اللقاء يصبح من الواجب على نخب البلد وكل المواطنين العمل على إفشال هذا المشروع الخطير، الشيء الذي يقتضي ولو مؤقتا، التخلي عن الاستراتيجيات الحزبية والفئوية والفردية، التي قوضت حتى الآن كل التضحيات التي قدمتها القوى السياسية والاجتماعية المعارضة ووفرت للنظام فرصة للبقاء، برغم إفلاسه الواضح والرفض الشعبي العارم له».
وحملت قيادة حزب اللقاء «نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز كامل المسؤولية عن الانسداد السياسي والتدهور الاقتصادي والتردي غير المسبوق للأوضاع المعيشية للمواطنين وما قد ينجم عن ذلك من تطورات لا تخدم السلم الاجتماعي ولا استقرار البلد».
وطالبت قيادة حزب اللقاء في وثيقتها السياسية «بإطلاق سراح الشيخ محمد ولد غدة والسجناء السياسيين الآخرين والتخلي عن كافة المتابعات القضائية، ذات الطابع السياسي»، منددة بما سمته «القمع الأعمى الجسدي والمعنوي، الذي واجه به النظام المتظاهرين السلميين، نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم».
وتؤكد مطالبة حزب اللقاء بتأسيس تكتل معارض، أن المعارضة الموريتانية باتت مقتنعة باتباع المنهج الذي سلكته المعارضة الغامبية وأسقطت به الرئيس يحيا جامي حيث توحدت هذه المعارضة في تحالف سياسي موحد يعمل لتحقيق هدف وحيد هو إزاحة الرئيس عن السلطة.
ويرى مراقبو هذا الشأن أن توحد المعارضة الموريتانية في تكتل واحد أمر بالغ الصعوبة لما يطبع صفوفها من خلافات شخصية ولتمسك قادة الأحزاب الكبرى بتصدر أي نشاط يتعلق بالانتخابات الرئاسية نظرا لطموحاتهم في الوصول لكرسي الحكم.
غير أن خيبات الأمل المتتالية التي شهدتها المعارضة الموريتانية منذ 1991، في جميع الاستحقاقات قد تدفع بها اليوم للتوحد في جبهة تجعل وزنها السياسي قادرا على هزيمة مرشح السلطة الذي بدأ التحضير لترشيحه الآن.