يؤمن البعض بخرز الودع أو حبات الحظ التي كانت تعلق على أستار الكعبة في الجاهلية، وعلى التماثيل وفي أعناق الصبية، إذ أنها ترتبط في ذهنية البعض بالمستقبل الغامض وبالقدرة على فك طلاسمه، في التقرير التالي من العاصمة الموريتانية نواكشوط سنتابع كيف تؤثر هذه الحبات على فهم بعض الأشخاص لبعض الأمور الغامضة.
نساء موريتانيا لايختلفن عن مثيلاتهن في العالم الثالث، من حيث اللجوء لقارئات الكف والمشعوذين والمنجمين للتكهن بالمستقبل، وقراءة الماضي وغيره، ولهذا عرف الشارع أسماء أشخاص برعوا بأن اقنعوا أكثر عدد من الناس بالاستفادة من خدماتهم الغامضة، نبغوه تستعد الآن للدخول في جلسة مهمة، عليها أن تسير إلى دار النعيم حيث ستلتقي لالة عيشة ضاربة الودع المعروفة، يفترض أنها ستحل لها بعض الاشكالات الذهنية، فلدى المرأة بحسب مايقال صلة بقوى تقرأ مالم يتضح من الصورة.
بالنسبة لنا نحن الموريتانيون “لكزانة” أي ضرب الودع من عادات وتقاليد هذا البلد الأصيلة، ونشد لها الرحال من أرض إلى أخرى ولم نكذبها ولم نصدقها لكننا نأخذ منها بعض الفال الحسن، وأنا على سبيل المثال أتيت الى هذه السيدة بغية ضرب الودع.
لالة عيشة تحرك ودعها بحرفية، وكل ودعة تقول حقيقة، وكل حقيقة تقبل الانقلاب إلى حقيقة أخرى حين تتكئ على قفاها، أما حين تنكفئ فحدث جلل للالة عيشة وحدها أن تشرحه لعيون زبونتها الشاخصة، أمام ضاربة الودع أو الكزانة كما يسمونها هنا تكون المرأة عادة متوترة لأنها تنتظر تشخيصا لمستقبل تعتبره دقيقا في أغلبه، رغم أنهم يقولون بعد كل جلسة ماكذبناها ولاصدقناها، أي لم نكذبها ولم نصدقها.
ولع الفتيات الموريتات بـ “لكزانة” قديم جدا وحب الشعب الموريتاني لها وارتباطه بها أقدم من ذلك. وكثيرا ما تأتي الفتاة الموريتانية للكزانة للتكهن بما يخبئه لها المستقبل وخاصة تلك المتلهفة لمعرفة الزوج الجديد.
تحرك الودع جيئة وذهابا ويتفاعل وجه نبغوها انبساطا أو انقباضا مع التحريك، فمن وجد لنفسه مكانا في قلب الودع أي سفينة نوح فقد نجا كما تقول ضاربة حبات الودع، أما الغريب في الأمر فهي قطعة النقود الملازمة والتي تعتبر تعرفة لركوب البحر في سفرة إلى عالم المستقبل الذي لايعلمه في النهاية إلا الله.
تقديم: ميسون بركة