موريتانيا: إحياء الاستقلال بنشيد وعلم جديدين مع استمرار الأزمة السياسية حديث عن توازن غريب بين ضعف النظام وضعف المعارضة

27. نوفمبر 2017 - 22:58

 وسط رفض واسع لمعارضين سياسيين ومدونين، يرتفع اليوم فوق المباني الحكومية الموريتانية العلم الجديد الذي أقره الاستفتاء الشعبي الأخير (قاطعته المعارضة)، الذي انضاف فيه شريطان أحمران للعلم القديم وفاء للمقاومة، كما ينتظر أن يعزف النشيد الجديد لأول مرة حالًّا محل النشيد القديم.
واختارت الحكومة الذكرى السابعة والخمسين لاستقلال موريتانيا عن فرنسا التي توافق اليوم الثلاثاء الثامن والعشرين نوفمبر، للبدء في استخدام هذه الرموز الوطنية التي يعارضها الكثيرون.
وقوبل رفع العلم الجديد بنداء عممه مدونو المعارضة قبل يومين ودعوا فيه الجميع لنشر تدوينات تحت هاشتاغ «هذا علمي» مع صورة للعلم القديم على صفحاتهم بالفيس بوك، مع الدعوة لرفع العلم القديم فوق السيارات وعلى سطوح المنازل إمعانا في رفض العلم الجديد.
وفي مقابل ذلك بدأ مدونو الموالاة نشر صورة العلم الجديد على صفحاتهم وعلى سياراتهم، شارحين في تدويناتهم أهمية إضافة شريطين أحمرين للعلم القديم تخليدا للمقاومة.
وتتزامن هذه التطورات مع ازدياد في التأزم السياسي، بعد أن رفضت السلطات الترخيص لمهرجان كبير كانت مجموعة الثماني المعارضة تخطط لتنظيمه السبت الماضي.
ومع أن السلطات الإدارية أرجعت رفضها للمهرجان لتزامن طلب تنظيمه مع إحياء ذكرى الاستقلال التي تعتبر شاغلا وطنيا للجميع، فقد احتجت المعارضة على منع المهرجان، على لسان يحيى ولد الوقف رئيس حزب «عادل» والوزير الأول الأسبق الذي أكد «أن رفض المهرجان يندرج، حسب قوله، ضمن انغلاق هذا النظام الذي توسع ظلمه نحو الاعتداء على الشيوخ والصحافيين والنقابيين».
وفي هذا السياق، انشغل عدد من الكتاب بالأزمة السياسية حيث كتب المدون محمد الأمين ولد الفاضل القيادي في المعارضة عن «النظام والمعارضة وتوازن الضعف».
يقول «تعودنا أن نسمع عن توازن في القوة أو توازن في الرعب، ولكن الجديد هنا هو أن نسمع عن توازن في الضعف، فلم يحدث أن عرفت السلطة والمعارضة ضعفا متزامنا مثل ما هو حاصل الآن، فالسلطة الحاكمة تعيش اليوم أشد لحظات ضعفها، ولم تعد تمتلك من نقاط القوة إلا نقطة واحدة هي أن معارضتها ضعيفة جدا، والمعارضة تعيش اليوم أشد لحظات ضعفها، ولم تعد تمتلك، هي أيضا، من نقاط القوة إلا نقطة واحدة تتمثل في ضعف السلطة الحاكمة».
«إن هذا التوازن اللافت في الضعف، يضيف الكاتب، لا بد وأن يختل في لحظة ما، ولكننا لا نعرف بالضبط متى ستأتي تلك اللحظة، ولا كيف ستأتي، والشيء الذي يمكن قوله الآن هو أن هناك مظاهر مصاحبة ودالة على هذا التوازن في الضعف بين السلطة والمعارضة».
واتهم الكاتب المعارضة الموريتانية بالانتقال من روح الرفض إلى روح الاستسلام مؤكدا «أن المتأمل في حال المعارضة الموريتانية في الفترة الأخيرة لا بد أن يلاحظ بأن هذه المعارضة كانت تمتلك روحا رافضة من قبل استفتاء 5 أغسطس 2017 (لنتذكر المسيرات غير المرخصة التي قادها بعض زعماء المعارضة قبيل الاستفتاء)، ولكن هذه المعارضة أصبحت من بعد استفتاء 5 أغسطس تستبطن روحا مستسلمة، حتى لا أقول روحا انهزامية».
وزاد «إن قبول المعارضة بالأمر الواقع، وقبولها الضمني لاستفتاء 5 أغسطس، ولما ترتب عليه من نتائج كتغيير العلم وإلغاء مجلس الشيوخ، إن قبولها بكل ذلك سيجعلها مجبرة على القبول بولاية ثالثة إن شرعتها الجمعية الوطنية، وعموما فإن تشريع ولاية ثالثة سيكون أكثر دستورية، على الأقل من الناحية الشكلية، من إلغاء مجلس الشيوخ وتغيير العلم الذي قبلت به المعارضة عمليا.»
وعرض الكاتب بشيء من التفصيل لقضية الولاية الثالثة، فأوضح «أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يحسم حتى الآن أمره، فهو يرى ولأسباب موضوعية، بأنه لا يستطيع أن يخرج من السلطة من بعد انتهاء بولاية الثانية، وهو يعلم أيضا بأن البقاء فيها من بعد اكتمال الولاية الثانية هو أمر أكثر استحالة؛ فهو الآن في حالة ارتباك شديد، ويراقب من كثب الأوضاع وتفاعلاتها، وعلى ضوء تلك التفاعلات سيتخذ قراره النهائي، ومن المؤكد أن الروح الاستسلامية التي ظهرت بها المعارضة الموريتانية من بعد استفتاء 5 أغسطس ستشجعه أكثر على التفكير بولاية ثالثة». 
وتابع الكاتب تحليله قائلا «من الصعب جدا أن يتم تمرير ولاية ثالثة، فنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز قد بلغ من الضعف مستوى سيجعله غير قادر على إكمال مأموريته الثانية إلا بشق الأنفس، ولذلك فإنه لن يكون قادرا على فرض ولاية ثالثة، ولن تكون المعارضة، إذا لم تغير من حالها، هي من سيحول دون ذلك، فالمعارضة تعاني هي أيضا من ضعف شديد سيجعلها غير قادرة على الوقوف في وجه النظام، ولا في أن تكون بديلا له في انتخابات عام 2019».
وخلص الفاضل في آخر معالجته لتأكيد «أن فشل السلطة القائمة وضعفها، وعجز المعارضة عن القيام بدورها في التعبير عن الغضب الشعبي العارم وفشلها في إدارة هذا الغضب وتسييره من أجل إحداث تغيير آمن، كل ذلك يحدث توازنا في الضعف قد يؤدي، إن هو استمر، لانفجار الأوضاع، وإلى دخول البلاد في حالة من عدم الاستقرار؛ وما احتجاجات المصحف وقانون السير والنصرة والتعليم إلا مقدمات في هذا الاتجاه».

القدس العربي 

تابعونا