أبدى صندوق النقد الدولي في تقرير له نشر للتو وتصفحته «القدس العربي»، قلقه البالغ إزاء هبوط كبير في دخل الفرد وارتفاع ملحوظ للمديونية في عدد من دول منطقة افريقيا ما وراء الصحراء وذلك بالرغم من استعادة اقتصاديات دول المنطقة لعافيتها ودخولها مرحلة إقلاع اقتصادي مبشر. تلكم هي حصيلة توقعات صندوق النقد الدولي الخاصة بآخر السنة الجارية والتي نشرها في تقرير تحت عنوان «الإصلاح المالي والتنويع الاقتصادي» وأكد فيها «أن دول منطقة افريقيا ما وراء الصحراء تمر حاليا باستعادة اقتصاداتها للنشاط».
وأكد التقرير «أن معدل النمو السنوي للمنطقة قد تطور من 1.4 في المئة عام 2016 إلى 2.6 في المئة عام 2017 وهو يتجه نحو 3.4 في المئة عام 2018.
غير أن ما ينغص هذه البشارة هو انخفاض دخل الفرد في 12 دولة من الدول الخمس والأربعين التي تضمها منطقة افريقيا ما وراء الصحراء، كما أن النمو الديموغرافي لدول المنطقة يفوق تطورها الاقتصادي.
وأشار التقرير إلى أن الوضع مقلق للغاية في دول بينها الكونغو الديمقراطية التي انخفض احتياطها إلى 0.4 (شهر استيراد) وزيمبابوي التي انخفض احتياطها إلى (0.6 شهر استيراد) كما أن دولا مصدرة للنفط قد شهدت ارتفاعا كبيرا لمديونيتها، فخدمة الدين تبتلع 60 في المئة من العائدات العمومية لكل من أنغولا والغابون ونيجيريا. واقترح صندوق النقد الدولي علاجات لهذا الخلل تبدو كلاسيكية في مجملها، بينها تنقية الميزانية ببذل تضحيات تدريجية ممتدة مع الزمن حتى لا تتعرض الدول المعنية لصدمات تؤثر على خدمات التعليم والصحة.
واقترح الصندوق كذلك خفض الدعم المخصص للمحروقات دون الإضرار بالفقراء، والبحث عن موارد إضافية عبر إصلاح منظومة الضرائب.
وتضمن تقرير صندوق النقد أيضا، اقتراح مقاربتين أولهما أكد فيها على ضرورة طمأنة المستثمرين الخصوصيين لأنهم وحدهم القادرون على خلق فرص العمل. وأوضح التقرير «أن أمام حكومات دول افريقيا ما وراء الصحراء الكثير مما يجب عليها عمله لتحسين الحكم الرشيد؛ ومن ضمن ذلك إرساء دولة القانون وزيادة فاعلية الإدارات على المستويين الداخلي والخارجي».
وانتقد التقرير التأخر الكبير في تنويع الاقتصاد في منطقة افريقيا ما وراء الصحراء رغم التحسنات المسجلة، إضافة لضعف حضور القطاع التحويلي في الدورة الاقتصادية.
وأكد التقرير أنه ليس أمام بلدان منطقة افريقيا ما وراء الصحراء من حلول سوى بذل الجهد الداخلي لحماية نفسها من الصدمات الخارجية الناجمة عن تذبذب أسعار المواد الأولية، موصيا على التوجه نحو الإصلاحات تلو الإصلاحات.