أعلنت أمس في نواكشوط مصادقة الحكومة الموريتانية على ميزانية الدولة لعام 2018، وذلك وسط ظرف اقتصادي ضاغط وفي ظل انتقاد متواصل من المعارضة لانعكاس السياسات الاقتصادية الحكومية على حياة السكان.
وبلغ توازن الميزانية العامة لعام 2018، من حيث الموارد والنفقات 518.4 مليار أوقية موريتانية (نحو 1.480.000.000 دولار).
وأكد بيان للأمانة العامة للحكومة «أن الميزانية الجديدة سجلت زيادة 31.1 مليار أوقية بالقيمة المطلقة و 6.4 % بالقيم بالموازنة مع قانون المالية الأصلي لعام 2017، أي زيادة قدرها 57 مليار أوقية بالقيمة المطلقة و12.3% بالقيمة النسبية».
ودافع المختار ولد أجاي وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني في شرح قدمه عن الميزانية الجديدة، عن رشد سياسات الحكومة المتبعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي. وقال: «إن حالة الاقتصاد العالمي هذا العام تؤكد أن موريتانيا لاتزال تسير في التعافي من انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية عليها».
وتوقع الوزير في تصريحاته أن تسير أسعار المواد الأولية في الاتجاه عينه الذي كانت عليه السنة الماضية مع زيادة قليلة لسعر الوقود، فيما توقع ثبات أسعار المعادن وخاصة الحديد، كما توقع ثبات أسعار المواد الغذائية وغيرها من المواد الأولية الأخرى في حدودها التي كانت عليها سنة 2017.
وتوقع كذلك أن يسجل الاقتصاد الموريتاني في سنة 2017 معدل نمو يتراوح بين 3.5 ب من مئة و4 من مئة، فيما توقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي لسنة 2018 إلى ثلاثة من مئة وذلك عائد، حسب الوزير، لحدث اقتصادي سيؤثر في الاقتصاد الموريتاني وهو غلق بئر شنقيط النفطية التي كانت تنتج كميات من البترول، وكانت مساهمتها في معدل النمو الاقتصادي أزيد من 5ر2 % في السنة الحالية وهو ما سيكون له تأثير في معدل النمو لسنة 2018.
وتوقع الوزير ولد أجاي في شروحه أمس أن يبقى معدل التضخم في حدود 2ر2 أو 5ر2 من مئة خلال السنة الجارية، والعام المقبل كذلك.
وقال «إن الوضعية الاقتصادية المتوقعة لسنة 2018، تسمح بتقدير الموارد المالية لسنة 2018 بـ 527 مليار أوقية أي بزيادة 28 مليارا عن السنة الماضية، فيما ستنتقل النفقات لتصل سنة 2018 لحدود 518 مليارا و426 مليونا و394 ألف أوقية، بفائض قدره 8 مليارات و651 مليون أوقية».
وفيما يتعلق بميزانية الاستثمار، أكد «أن الاستثمارات الممولة على موارد خارجية ستصل لحدود 145 مليار أوقية أي بزيادة 3 مليارات أوقية عن السنة الحالية وهو ما يؤكد ثقة شركاء موريتانيا فيها»، حسب قوله.
وتحدث الوزير عن تخصيص أموال لمحو الآثار الناجمة عن نقص الأمطار هذا العام قدرها 41 مليار أوقية مخصصة في ميزانية 2018 لبرنامج التدخل السريع وتوفير أعلاف المواشي.
وعن انعكاس الإصلاحات الاقتصادية على حياة المواطن، أكد «أن الحديث عن الانعكاس يتضمن مغالطة كبرى حيث أن الوظيفة العمومية لا يمكن أن توظف الجميع وبالتالي فإن تحسين وضع المواطن لا يمكن إلا من خلال بروز قطاع خاص قوي قادر على تأمين الوظائف ومراكز الشغل وهذا ما تعمل الحكومة على تحقيقه عبر ترقية القطاع الخاص وتوفير الضمانات التي تمكن هذا القطاع من القيام بدوره لخلق قيمة مضافة قادرة على استيعاب اليد العاملة الوطنية».
«وللمساعدة في إرساء قطاع خاص قوي، يصيف الوزير، تعمل الحكومة جاهدة لتوفير بنى تحتية طرقية ومينائية ولتوفير كهرباء بما يمكن هذا القطاع من النهوض».
وأعلن الوزير ثماني وحدات صناعية ستنطلق في الثلث الأول من العام المقبل.
وتأتي المصادقة على الميزانية الجديدة بينما تستعد موريتانيا ثاني أكبر مصدر للحديد في أفريقيا، والغنية بمناجم النحاس والذهب وباحتياطها الضخم من المنتوجات البحرية، لتسويق المواد النفطية عام 2021.
كما تتزامن مع احتفال موريتانيا قبل يومين بتسجيلها عشر نقاط في سلم مؤشر مناخ الأعمال (داوونغ بيزنس) لعام 2018، حيث انتقلت من الرتبة 160 إلى الرتبة 150.
إلا أن هذه المصادقة تتزامن مع ظرف تتحدث فيه المعارضة الموريتانية عن فساد كبير يطال عددا من مؤسسات الدولة.
وتعاضد ذلك مع نشر منظمة «شربا» الفرنسية قبل أسابيع قليلة لتقرير انتقدت فيه ما سمته «انتشارا وبائيا للرشوة والفساد في موريتانيا، يعرقل ويعوق تنمية هذا البلد ذي الخيرات الوفيرة».
ولاحظت في تقريرها أن انتشار الفساد والرشوة لايزال مستمرا في موريتانيا بوتيرة متصاعدة، ما جعل موريتانيا تمر بوضع شديد الصعوبة منذ انهيار أسعار مناجم الحديد.
وأكدت «شربا» «أن هناك أكثر من سبب للجزم بأن التمويلات الضخمة التي قدمتها مؤسسات التمويل الدولية لموريتانيا إنما تغذي في مجموعها نظاما مغلقا للرشوة وتبديد الثروات، وهي بذلك تسهم في تبذير الموارد العمومية لهذه الدولة».
«برغم هذه الثروات الهائلة وبرغم أن سكانها قليلون، لا يتجاوزون أربعة ملايين نسمة، يضيف التقرير، توجد موريتانيا ضمن قائمة الدول الأقل تقدما، بل إن صندوق النقد الدولي يدرجها في موقع مخيب للأمل في مؤشراته الخاصة بانتشار الرشوة».
وعرض تقرير رابطة «شربا» أمثلة للفضائح السياسية والاقتصادية ولسوء تسيير الموارد في موريتانيا معتبرا «أن كل هذه الممارسات ستشل اقتصاد هذا البلد في وقت قريب إذا لم يُتدارك الموقف».
ونفت الحكومة الموريتانية عدة مرات، اتهامات الفساد التي تضمنتها تقارير الهيئات الدولية الناشطة في مجال مراقبة الشفافية، والاتهامات الواردة أيضا في بيانات المعارضة، مشددة على «التزام الرئيس محمد ولد عبد العزيز المبدئي بمحاربة الفساد منذ وصوله للسلطة حيث جعل من مكافحة هذا الوباء محورا أساسيا في برنامجه الانتخابي، الذي زكاه الموريتانيون خلال مأموريته الأولى والثانية».
القدس العربي