منذ كتبت تدوينتي عن أخطاء وزير الثقافة، اجتهد البعض في البحث لي عن زلات أو أخطاء أو كوارث يخرسني بها، أو ينتصر لمعالي الوزير بها، ولما لم يجدوا ذلك عادوا إلى تدوينة قديمة نشرتها عندما أعلنت دعمي لولد عبد العزيز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
دعمي لولد عبد العزيز يومها أعلنته على صفحتي ولا أتهرب منه، ويومها بررت ذلك بما كنت ألاحظه من محاولة للقطيعة مع أحكام الماضي، وتتالي بعض الانجازات كبناء الجامعة والمطار والطرق وبعض المستشفيات، ومحاولة تحسين الجانب الأمنى (كان الارهاب يومها هو الهاجس بعد التفجيرات التي حدثت في العاصمة) وغيرها من الملفات، التي التزم بها ونفذ أغلبها آنذاك (أتحدث عن تعهدات ما قبل انتخابه الأخير) وكل تلك القضايا كانت كافية لأن تجعل مثلي يظن خيرا في الرجل .
لست غبيا لأنكر أن الرجل أنجز أشياء في سنواته الأولى، ولكنه توقف وبدا كمن اكتفى، أو كمن يسابق الزمن لمكافأة نفسه على بعض تلك الانجازات ...
وكنت كغيري من الشباب منزعجين آنذاك من استقبال المعارضة لبعض الوجوه التي كانت جزء من ماكينة فساد الأنظمة السابقة، وكان يزعجني أن أراهم يتصدرون المشهد المعارض، ويتحدثون عن الاصلاح والقيم ومحاربة الفساد .. وكنت أعرف كوارث الكثيرين منهم، وكم كانوا عقبة أمام المعارضين للأحكام السابقة، ومنهم من سجن المعارضين وأساء إليهم... وقد انتقدتهم حينئذ ...
وكان الرجل (آنذاك) معلنا حربه على هؤلاء بالذات وتحميلهم مسؤولية كل شيء، وتلك الحرب تصادف هوى في نفس كل من هو حديث عهد بما اقترفوا.. (على فكرة : أغلبهم الآن يدعم ولد عبد العزيز، وهو أيضا مغتبط بهم).
ثم شاركت في لقاء الشباب، اعتقادا مني أنها خطوة جديدة لإحداث تغيير ما، ودافعت عن مشاركتي تلك على صفحتي، ( خاصة أنه قيل وقتها إن كل التوصيات سيتم تنفيذها، واعتقدت أنه بإمكاني خدمة الثقافة من تلك الزاوية ) ..
وكلمتي في لقاء الشباب موجودة على اليوتيب، وليس فيها أي تطبيل أو تزلف.. هي الكلمة التي تحدثت فيها عن ولد التلاميذ، وطالبت باستعادة مكتبته من مصر ..
وفِي نهاية اللقاء رفضت المشاركة في الصورة الجماعية مع الرئيس، لما فهمته فيها من محاولة للتسويق والدعاية، ويمكنكم العودة لها فهي متوفرة على كل الوسائط.
لم أكن في الأصل مهتما بالسياسة ولم تكن صفحتي مهتمة بغير الأدب والثقافة، ونشر بحوثي الأدبية، وانعطافتي الى السياسة حدثت عندما لاحظت نكوص الرجل عن ذلك الخطاب الذي جاء به وعودته لنفس الأسلوب الذي كان ينتقد، ضف إلى ذلك انتشار الظلم والانتقائية في عملية محاربة الفساد.
سهل جدا أن يتم تفسير معارضتي للرجل بأنها نتيجة عدم التعيين، وأعتقد أن هذا مردود عليه، لأن التعيين يخضع لطرق وميكانيزمات معينة، وأنا أستطيع أن أسلكها وسأنجح بكل تأكيد .. ( أتزلف الرئيس، ألمّعُ جنرالا، أكون ظلاّ وتِرْسًا لإحدى الشخصيات المقربة، أهاجم كل من لا يروق للنظام، أستبيح عرضه ..ما الذي يمنعني من كل هذا غير ضميري وجبلّتي؟)..
ولعلم هؤلاء فقد عرض علي التعيين أكثر من مرة، وتم الاتصال بي أكثر من مرة، ولولا أن هذه اللقاءات قد تضر أصحابها لكنت ذكرتهم الآن بالاسماء، وهم من علية النظام والمؤثرين فيه.. وهناك شهود على ذلك من أنصار النظام نفسه. ( سيأتي الوقت المناسب للحديث عن كل ذلك) .
ولماذا أرفض التعيين في التلفزيون عندما شرفتني به إدارتها ؟
نعم اليوم أعارض نظام عزيز لتلك الأسباب المذكورة أعلاه.
أعارضه كما دعمته في الانتخابات (لم أصوت فيها لسبب قاهر)... أنا أعلنت دعمي له في الانتخابات فقط، والجميع يعرف من ترشح فيها، وأعتقد يومها أنه كان يملك خطابا مغريا.
كما أنني لست قادما يومها من حزب أو تيار طعنته في الظهر، كنت قادما من قناعتي فقط ...
ذلك الدعم لم يجعلني أنتمِ لحزبه الحاكم، ولا لأحد أحزابه الموالية، ولست بالمقابل قادما من حزب معارض.. كنت مستقلا في رأيي وما زلت ... وبتلك الاستقلالية أنا معارض لعزيز.
هذا توضيح لأولئك الذين يعتقدون أن هناك وصمة أخفيها ....
دعمي لعزيز في الانتخابات كتبته على صفحتي وتفاعل معه الكثيرون سلبا وإيجابا، ومازال أولئك معنا في هذا الفضاء، وكنت ضد خطاب النكران لأنني كنت أعتقد أن الرجل فعلا بدأ في التغيير المطلوب.. ولكنه مع الوقت لم يكن كذلك . ولست من أولئك الذين لا يستطيعون الرجوع، إن بدا لهم أن الحق في مكان آخر.
دعمته في الانتخابات : لم أنشر عنه مقالات في التملق والنفاق.. لم أطبل له، لم أجرّح من الآخرين من أجله ... (دونكم صفحتي والمواقع) ...
لم أشارك في أنشطته، ولم أحضر له مهرجانا أوتجمعا واحدا ...
قدمت برامج تلفزية كثيرة، والحمد لله أنها ما زالت محفوظة على اليوتيب ، أتحدى من يستخرج لي كلمة نفاق أو تزلف واحدة، تجاه النظام، وأعتقد أنها كانت فرصة ذهبية لو كنت من تلك الطينة...
هو إذن موقف في انتخابات وبررته يومها، خاصة وأنني كنت ضد مقاطعة المعارضة لتلك الانتخابات .. ومع الوقت اكتشفت أن الرجل عجز عن الخروج من شِراك المافيا المفسدة...
فهل أنا الوحيد الذي خدعه خطاب عزيز؟ أم أن الرجل مثل بيت العنكبوت، لا يمكن لمن دخله أن يخرج منه؟ ... مهما يكن فقد خرجت منه .. باحترام ... وما زلت أعارضه باحترام.
من صفحة الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله على فيسبوك.