أنواكشوط "موريتانيا الحدث " : - أكدالسناتور الموريتاني المعارض محمد ولد غدة المعتقل منذ أشهر ضمن ملف سمّته النيابة «رِشا فساد خارج الحدود»، أمس أنه «سيواصل إضرابه عن الطعام الذي بدأه الخميس إلى أن يطلق سراحه».
وجاء هذا الإضراب بعد أن مثلالسناتور الشاب يوم الخميس أمام قضاة التحقيق مكبل اليدين، وهو ما اعتبره فريق دفاعه ضربا من ”المساس الصارخ واللاأخلاقي بالكرامة البشرية، وتوظيفا للقضاء في مآرب سياسية خاصة».
وأكد الفريق في بيان وزعه أمس «أن المسطرة موضوع الملف رقم النيابة 04/2017 المعروفة بملف الشيوخ الثلاثة عشر، شابتها خروقات قانونية خطيرة منذ بدايتها إلى يومنا هذا، ولم يفتأ الدفاع يشجب الخروقات المرتكبة في هذه المسطرة خصوصا تلك المقترفة في حقالسناتور محمد ولد غدة، إذ بدأت المسطرة بإخفائه إخفاء قسريا من 10 إلى 18 أغسطس / آب الماضي، ثم استمرار حراسته النظرية من 18 أغسطس إلى 1 سبتمبر/ أيلول خارج أي إطار قانوني، مع إخضاعه أثناءها للمعاملة القاسية خرقا للقانون رقم 33/2015 المتعلق بمناهضة التعذيب».
«واستمرت هذه الخروقات مع إحالة الملف أمام القضاء، يضيف البيان، فمثلالسناتور أمام وكيل الجمهورية خارج وقت الدوام الرسمي، ليقوم وكيل الجمهورية بطلب فتح تحقيق في وقائع مرتبطة بما أدلى بهالسناتور من رأي أو تصويت أثناء أداء مهامه، خارقا بذلك نص الفقرة الأولى من المادة 50 من الدستور، التي تنص على أنه: (لا يرخص في متابعة عضو من أعضاء البرلمان ولا في البحث عنه ولا في توقيفه ولا في اعتقاله ولا في محاكمته بسبب ما يدلي به من رأي أو تصويت أثناء ممارسة مهامه)، وفوق ذلك مثلالسناتور مثوله الأول أمام ديوان التحقيق فجر يوم عيد الأضحى المبارك الذي هو يوم جمعة وعطلة رسمية، وأصدر الديوان في اليوم ذاته أمرا بإيداعه السجن من دون توفر أدنى مبرر من مبررات الحبس الاحتياط الذي هو إجراء استثنائي، ومنذ ذلك لم يقم ديوان التحقيق بأي إجراء من إجراءات التحقيق طوال 40 يوما خرقا لمبدأ سرعة واستمرارية التحقيق، في الوقت الذي حرم فيه دفاعالسناتور من الحصول على بعض محتويات الملف التي تعتبرها النيابة العامة مهمة، كما حرم من البت في الطلب الذي وجهه لغرفة الاتهام بغية إلغاء المتابعة على أساس الفقرة الأولى من المادة 50 من الدستور سالفة الذكر، وهو الطلب الذي قدم إلى غرفة الاتهام منذ ما يقارب شهرا، وبقي من دون بت إلى اليوم، برغم الطابع الاستعجالي للمساطر الجزائية عموما».
وأردف فريق الدفاع قائلا «في اليومين الأخيرين، وبمناسبة استخراجالسناتور من السجن للاستماع إليه من طرف قطب التحقيق، تعرض من جديد لأعمال عنف وإهانة داخل السجن وفي المفوضية التابعة لقصر العدالة، وحتى في أروقة المحكمة، حيث تم تقييده خلافا لمعاملة أنظاره من السجناء، الموجودين على ذمة الديوان نفسه، وبرغم استجلابه إلى المحكمة عند الساعة 11 صباحا، لم يمثل أمام قطب التحقيق إلا عند الساعة الخامسة مساء، وظل مقيدا ومحروما من صلاته فضلا عن طعامه وشرابه، وعندما أبلغ قاضي التحقيق بهذه الوضعية اكتفى بتأجيل جلسة الاستماع».
«إن فريق الدفاع عنالسناتور محمد ولد غدة، وأمام هذه المعطيات المقلقة، يضيف البيان، يشجب هذا المساس الصارخ واللاأخلاقي بالكرامة البشرية، ويندد بتوظيف القضاء لمآرب سياسية خاصة، يذكر السلطات القضائية، وإدارة السجون بما عليها من واجب التعامل بكرامة وإنسانية مع كل معتقل أحرى إن كان معتقل رأي، كما يحتفظ بالحق في المتابعة القضائية ضد كل مرتكبي خروقات القانون المقترفة في حقالسناتور محمد ولد غدة».
ويضاف هذا البيان لبيان سابق لمنتدى المعارضة الموريتانية أكدت فيه «أن النيابة العامة أصدرت بيانا صادما، اعتمدت فيه لغة التهويل والتهديد، وتحدثت فيه عن «قيام أشخاص متعددين بالتمالؤ والتخطيط لارتكاب جرائم فساد كبرى عابرة للحدود ومنافية للأخلاق، في محاولة لإلهاء الرأي العام ولفت أنظاره عن الأزمة المتفاقمة التي يتخبط فيها النظام، وعن الهزيمة السياسية النكراء التي تكبدها من جراء فشل استفتائه الهزلي الذي قاطعه الشعب الموريتاني بصورة واسعة على امتداد التراب الوطني».
««إن إطلاق الاتهامات الخطيرة التي لا تعتمد على أي أساس، تضيف المعارضة، وتلفيق التهم، واختلاق الأزمات والمؤامرات الوهمية، ظل دائما هو السلاح الذي تلجأ إليه الأنظمة الدكتاتورية لتبرير جرائمها ضد الديمقراطية وحرية مواطنيها ولتلبيس سوء إدارتها ونهبها لخيرات بلادها، وعندما تعجز عن حل المشاكل الحقيقية وعن مواجهة الواقع بشجاعة وحكمة وتبصر، يكون الهروب إلى الأمام لجر البلاد نحو المجهول؛ إنها محاولة لإلباس الآخرين جريمة زعزعة الأمن التي يقترفها النظام من خلال هذه الاتهامات الخطيرة واختلاق مبررات واهية لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين».
وتابعت المعارضة: «إن اعتقال الشيخ محمد ولد غدة ليس حدثا معزولا، فهو يدخل في إطار سياسة النظام القمعية التي عادت بالبلاد إلى عهد الأحكام العرفية، المتمثلة في خنق الحريات، وقمع التظاهرات السلمية للأحزاب المعترف بها رسميا، والتنكيل بالاحتجاجات السلمية للشباب والنساء، ومحاولة كبت كل صوت يرتفع ضد الظلم والتعسف وطغيان الحكم الفردي. «
«الحقيقة، تقول المعارضة: هي أن الشيخ محمد ولد غدة رجل معارض، صدح عاليا بمواقفه السياسية وبعلاقاته مع الموريتانيين جميعهم الذين يقاسمونه الرأي والمواقف عينهما، وعلى العكس مما قالته النيابة فقد تم التعامل معه بصورة منافية لكل القوانين والنظم والأعراف، إذ تم اختطافه ليلا وهو يتمتع بحصانته البرلمانية من طرف أشخاص يرتدون زيا مدنيا من دون مذكرة توقيف أو مبرر، وقضى ثلاثة أيام من دون أن يعرف عنه ذووه ومحاموه أي شيء، ومن دون أن تعرف عنه العدالة أي خبر، كما منع محاموه من لقائه على انفراد في خرق سافر للقانون، ولم يقدم ملفه للعدالة إلا بعد تواصل الضغط والاحتجاجات من طرف المعارضة الديمقراطية والرأي العام والصحافة، ولا يزال حتى اليوم رهن الاختطاف التعسفي».
«إن تلفيقات النظام وتهديداته، تقول المعارضة الموريتانية: لن تخيف الشيخ محمد ولد غدة، المعروف بشجاعته وثباته على مواقفه، ولن ترهب المعارضة الموريتانية التي ستواصل وتصعد نضالها من أجل الدفاع عن الحريات وعن مصالح الشعب من أجل إعادة المسلسل الديمقراطي للطريق السليم.
إننا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، يضيف البيان: نجدد إدانتنا القوية لما تعرض له الشيخ محمد ولد غدة ويتعرض له من معاملة خارجة على القانون والأخلاق، كما نجدد وقوفنا الحازم وتضامننا القوي معه، وعزمنا على مواصلة النضال من أجل إطلاق سراحه واسترجاعه حقوقه كافة، وندين بشدة استخدام القضاء من أجل تصفية الحسابات مع المعارضين، ونحذر النظام من مغبة الهروب إلى الأمام واختلاق الأزمات والدفع بالبلد نحو مزيد من الاختناق السياسي ومخاطر عدم الاستقرار». ويأتي اعتقال السناتور غدة أياما بعد نشره مقطع فيديو تضمن شهادة صوتية للرقيب محمد ولد محمد امبارك تنفي الرواية الرسمية لحادثة تعرض الرئيس محمد ولد عبد العزيز لطلق ناري يوم 13 أكتوبر 2013.
كما يأتي اعتقاله بعد نجاحه في إقناع غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني بالتصويت ضد التعديلات الدستورية التي مررتها الحكومة في استفتاء شعبي نظم في الخامس من آب/أغسطس الماضي، مع تمكنه من تمويل نشاطات المعارضة الموريتانية بالتنسيق مع المليونير الموريتاني المعارض محمد بوعماتو.
القدس العربي