لم تهدأ حتى يوم أمس زوبعة الإشاعة المتعلقة بطرد المغرب للمليونير الموريتاني المعارض محمد بوعماتو، التي تنشغل بها منذ يوم السبت المواقع الإخبارية ودهاليز التواصل الموريتانية والمغربية.
وأكد مروجو هذه الإشاعة التي انطلقت من موريتانيا، ثم تدوولت في المغرب «أن الحكومة المغربية أبلغت ولد بوعماتو بأنه شخص غير مرغوب فيه».
وأصدرت السلطات الموريتانية قبل أزيد من شهر، مذكرة اعتقال دولية ضد رجل الأعمال المذكور وضد مدير أشغاله، ضمن ملف قضائي يشملهما إلى جانب عدد من الشيوخ والصحافيين والنقابيين.
وانقسم الجدل الإخباري والمخابراتي حول عدم مرغوبية المغرب في إقامة المعارض بوعماتو الذي يحمل الجنسية الفرنسية، لاتجاهين أحدهما يعادي المليونير بوعماتو ويحض على طرده رابطا ذلك بإذابة الجليد عن علاقات الرباط ونواكشوط، والثاني يفند الإشاعة جملة وتفصيلا، ويجزم بأن إقامة المليونير بوعماتو في مراكش لا تزال على حالها.
وكانت صحيفة «القلم» الموريتانية التي تتهم السلطات مديرها بالقرب من بوعماتو، أبرز وسيلة إعلامية موريتانية ذات مصداقية، اهتمت بهذه الإشاعة حيث خصصت خبرا مفصلا لتفنيدها. ونقلت «القلم» التي يخضع مديرها الناشر للرقابة القضائية بسبب تمويل تلقاه من بوعماتو، عن مصادر مطلعة «نفيا باتا لما راج من أنباء منذ يوم السبت حول إقامة رجل الأعمال محمد بوعماتو بالمملكة المغربية». وشددت هذه المصادر، وفقا لصحيفة «القلم»، «نفيها كون المغرب أعلن أن رجل الأعمال بوعماتو شخص غير مرغوب فيه في المملكة».
وأكدت المصادر «أن الأوساط المخابراتية التي تروج هذا النوع من الأكاذيب تسعى فقط، لصرف النظر عن الأزمة المتعددة الجوانب التي تتخبط فيها البلاد.» واهتم موقع «هيسيبريس» الإخباري المغربي بهذه الإشاعة حيث نقل عن مصادر دبلوماسية موريتانية تأكيدها «أن المملكة المغربية أبلغت رجل الأعمال المقيم في مراكش، محمد ولد بوعماتو، المعارض للرئيس الموريتاني، بـ «أنه شخص غير مرغوب فيه وذلك بعد» أن طالب النظام الموريتاني برأسه لسنوات طوال، وتسبب في تأزيم العلاقات بين الرباط ونواكشوط». وأكدت منابر إعلامية دولية وموريتانية، وفقا لما نشره «هيسبريس» أمس «أن المغرب أبلغ السلطات الموريتانية بأن المليونير ولد بوعماتو، لم يعد موجودا في المغرب منذ فترة، وذلك بعد سنوات من اختياره لمدينة مراكش منفى اختياريا بعد خلافه مع محمد ولد عبد العزيز.» «وسبق لحكومة موريتانيا، يضيف الموقع، أن ربطت في مناسبات عدة بين استمرار تأزم العلاقات المغربية الموريتانية، وإيواء المغرب لاثنين من أكبر المعارضين الموريتانيين للرئيس محمد ولد عبد العزيز هما محمد ولد بوعماتو والمصطفى الإمام الشافعي»، واعتبرت أن هذين المعارضين يقومان بأنشطة سياسية وإعلامية «تجلب ضررا كبيرا للعلاقات بين البلدين».
وفي السياق أكدت وكالة الأخبار الموريتانية المستقلة أن «الخطوة المغربية من شأنها أن تؤدي إلى حلحلة الأزمة بين البلدين؛ على أن يبدأ ذلك بموافقة موريتانيا على السفير المغربي المعين حديثا في نواكشوط حميد شبار».
وعلق موقع «أقلام» الإخباري الموريتاني المستقل على خبر طرد المغرب للمعارض بوعماتو، حيث أكد في معالجة سياسية «أن العلاقات المغربية الموريتانية في طريقها لأن تأخذ منعطفا جديدا يطبعه التفاهم على حلحلة الملفات العالقة بين البلدين، بعد سنوات من الجفاء والتوتر».
«ذلك على الأقل، تضيف «أقلام»، ما توحي به التطورات المتسارعة الأخيرة منذ الإعلان بداية الأسبوع الماضي عن قرب اعتماد السفير المغربي المقترح منذ فترة في نواكشوط، ثم تداول معلومات متطابقة بشأن تخلي المغرب عن رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو وإبلاغه برغبة السلطات المغربية في التخلي عن الاقامة على أراضيها.
وكشفت صحف مغربية عن أن القرار المتعلق بولد بوعماتو أبلغه المغرب السبت الماضي للسلطات الموريتانية وأن رجل الأعمال الذي يقيم في مراكش منذ سنوات لم يعد موجودا في المغرب منذ فترة.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير إعلامية موريتانية، عن أن السلطات في نواكشوط قررت تعيين الوزير الأول السابق مولاي ولد محمد الأغظف سفيرا جديدا لموريتانيا في المغرب، بعد أن جمدت منذ عام 2012، إرسال سفير جديد لها في الرباط.
وظلت موريتانيا ترفض احتضان المغرب لشخصيتين معارضتين للسلطة هما محمد ولد بوعماتو والمصطفى ولد الإمام الشافعي.
وكانت مصادر سياسية قد تحدثت خلال الأسابيع الماضية عن عزم موريتانيا، مراجعة شاملة لمواقفها من قضية الصحراء الغربية على نحو قد يثير حفيظة المغرب.
ويتساءل مراقبون حول توقيت هذه التطورات وما إذا كانت لها علاقة بإعلان موريتانيا والجزائر مؤخرا رغبتهما في تطوير علاقاتها من خلال فتح معبر حدود بين البلدين.
فهل إشاعة طرد المعارض بوعماتو تسريب استخباراتي موريتاني لخلط الأوراق على الحكومة المغربية قبل استلام أوراق السفير المغربي الجديد الذي اضطرت موريتانيا لقبوله بعد فترة طويلة من التجميد؟، أم هو بالون اختبار مغربي؟، أم الأمر تسخين صامت من كلا البلدين، للعلاقات التي تعاني من برودة شديدة مزمنة؟
كل ذلك ستكشف عنه تطورات متوقعة خلال الأسبوع الجاري، بينها نفي أو تأكيد طرد المليونير بوعماتو المعارض من المغرب، واستلام الرئيس الموريتاني لأوراق اعتماد السفير المغربي الجديد، وبينها، وهذا الأهم، تعيين، الوزير الأول السابق ولد الأغظف سفيرا لموريتانيا في الرباط.
القدس العربي