هناك نوع من الناس وهبهم الله قدرا كبيرا من الذكاء المفرط الذي يصل حدَّ العبقرية , لكنهم ـ مع الاسف ـ يُوظفونه في امور لا تُرضي الله , ولا تخدم الناس , يوظفونه في أنواع الاحتيال وأكل أموال الناس بالباطل , ويُطورون أساليبهم وتقنياتهم , لا من أجل بناء الاوطان , ولا الارتقاء بالبلد نحو التطور والازدهار , وانما من أجل بناء شبكات أخطبوطية لا همّ لها سوى اصطياد الضعفاء من الناس. وفي هذا الاطار , حصلت “وكالة الجواهر” على معلومات دقيقة عن احدث قصة من قصص الاحتيال , بطلها رجلان من أكثر الناس براعة وأشدها تخصصا في الاستيلاء على أراضي الغير بحجج واهية. عملية الاحتيال هذه وقعت في منطقة “عين الطلح” بالعاصمة نواكشوط , وذلك عندما استولى أحد هذين الرجلين على قطعة أرض تمتلكها سيدة ضعيفة تقع بجانب منزله وقام بتزوير عقد بيع لها , وعندما علمت صاحبة القطعة بالخبر ذهبت اليه ومعها كل الاوراق التي تُثبت ملكيتها للارض , وبعد أخذ ورد وتدخل من طرف أقاربها , قال لها الرجل بالحرف الواحد , وبقصد الانتقام منها : سأبيع هذه الارض لإنسان معروف بشراء المشاكل والنزاعات وسيشيب أطفال اليوم قبل أن تحصلي على ذرة منها , وقد أوفى الرجل بوعده , حيث باعها لأكبر متخصص في طرق واساليب الاحتيال وصاحب نفَس طويل ومعرفة تامة بالقضايا الاجرامية وبدهاليز المحاكم ومراكز الشرطة. ولكي يزيد من تعقيد الامور , جلَب مواد البناء الى موقع القطعة المتنازع عليها بهدف تشييد منزل فوقها , وعندما علمت السيدة بالامر هبّتْ هي وأقاربها واتجهوا الى عين المكان , حيث حصلت مشادات كلامية بين الطرفين استغلّها “المحتال” وادعى أمام الشرطة ووكيل الجمهورية أنه تعرض للضرب الشديد والتنكيل من أقرباء السيدة , الامر الذي انتقل بالموضوع كله الى أروقة المحاكم والشرطة وحوّل القضية من قضية احتيالٍ وسرقةٍ لأرض الغير الى قضية اعتداء جسدي , ثم طلب توفير الحماية الامنية له خوفا على النفس كما قال. ومن هنا بدأَ فصلٌ جديد من فصول قضية الاحتيال , حيث يعتقد هذا الرجل أنه بفعلته تلك قد خطا الخطوة الاولى نحو الاستيلاء على الارض وإقامة منزل عليها ريثما تقول المحكمة كلمتها الفصل , ربما بعد سنوات , حينها يكون قد وضع الجميع أمام الامر الواقع. نرجو أن تنتبه المحاكم لهذا النوع من أساليب الاحتيال وان تُشكل محكمة خاصة ذات طبيعة استعجالية تبُتُّ في مثل هذه المواضيع بأسرع وقت ممكن وتكون لديها الصلاحيات والآليات التي تمكنها من الوقوف على الحقائق للأخذ على يد الظالم المغتصب , وإنصاف أهل الحقوق وإلزام المتحايلين بدفع كافة الرسوم والتكاليف. “الجواهر” ستعود الى تطورات هذا الملف قريبا , بحول الله , مع التحفظ على أسماء الجميع , نظرا لأن القضية أصبحت الآن في يد المحكمة , وتجنبا لأي شيء قد يشوش على سير العدالة.