تسير السلطة الجزائرية بخطى متعثرة لكن بإصرار نحو ولاية خامسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فالنظام أغلق على نفسه منذ قرابة عشر سنوات في متاهة الرئاسة مدى الحياة، بالرغم من مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ورغم الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، وتفتح أبوابا على المجهول.
تبين خطة عمل الحكومة التي عرضها رئيس الوزراء أحمد أويحيى الأحد الماضي والتي ستتم المصادقة عليها دون مفاجآت الخميس المقبل، أن السلطة الحالية لا تضع في حسابها أي تغيير محتمل في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجرى في 2019، فالحكومة التي يقودها أويحيى وتقول إنها تطبق برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اقترحت برنامجا اقتصاديا على مدى خمس سنوات، في حين أنه لم يتبق على الانتخابات الرئاسية المقبلة سوى أقل من سنتين، لكن الحكومة ومن وراءها تتعامل مع هذا الموعد على أنه مجرد محطة إجرائية، بل إن رئيس الوزراء ضرب لخصومه موعدا بعد خمس سنوات، لإثبات أنه كان على حق وأنهم كانوا على خطأ لانهم عارضوا قرار اللجوء إلى المطبعة لطبع المزيد من الأموال، لتغطية العجز المالي الذي تعيشه البلاد، إلى درجة أن أويحيى قال إن الحكومة لا تملك ما تدفع به رواتب العمال والموظفين لشهور نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل وما بعده، ورغم أن الاعتراف هذا يدين السلطة الحالية، إلا أنها تعد بأنها ستعالج الأزمة التي صنعتها طوال 18عاما وبحبوحة مالية تجاوزت الـ1000 مليار دولار، خلال خمس سنوات فقط، ومن خلال طبع مزيد من الأموال، كما قال الكثير من المعارضين للسلطة الحالية.
رغم الحصيلة السلبية للسلطة الحالية، على الأقل من الناحية الاقتصادبة، ورغم الأوضاع الصحية للرئيس بوتفليقة التي لم تعد كما كانت من قبل، إلا أن السلطة تسير في خيار واحد وهو التجديد لبوتفليقة، لعدة أسباب أولها هو أن بوتفليقة طوال 18 عاما من الحكم قضى على كل البدائل الممكنة، كما قضى على الميكانيزمات التي كانت تقوم بالتغيير، ولو على مستوى الواجهة، كما أن فتح باب الخلافة سيفتح ابواب جهنم على الفريق الحاكم، لأن ذهاب بوتفليقة سيوقد ويوقظ طموحات نائمة.
صحيح أن بوتفليقة أغلق باب الرئاسة مدى الحياة عندما عدل الدستور مجددا العام الماضي، بان عاد إلى تحديد الولايات الرئاسية باثنتين، وهو ما اعتبره الكثير من الجزائريين دليل زهد (ولو متأخر) في السلطة، لكن ما يجهله هؤلاء هو أن الدستور الحالي يكفل لبوتفليقة ولايتين لأنه لم ينتخب في الولايات الأربع في إطاره، وبما أن الدستور لا يطبق بأثر رجعي، فإن أمام بوتفليقة فرصة للبقاء لولايتين مدة كل واحدة منها خمس سنوات.
أما بالنسبة لوضعه الصحي فلم يعد يطرح أي اشكال، لأنه ترشح لولاية رابعة دون أن يعلن عن ذلك بنفسه، ودون أن يقوم بحملة انتخابية، والسيناريو نفسه قد يتكرر في 201، في ظل انسداد أفق السلطة، وبقائها حبيسة منطق الاستمرارية وربح الوقت، حتى لو كان ذلك يمثل في نظر الاخرين هروبا إلى الأمام.