جري استفتاء أغسطس حول التعديلات الدستورية في جو معلوم :مقدموه علي يقين من الفوز ومعهم طائفة كبيرة من المواطنين –الرافضون لا يرون التقديم مشروعا أصلا ولا يتصورون أنه سيفشل لما علموا من التحسيس لصالحه من طرف النظام ومعهم طائفتهم.
وموضوعيا اعتقد ان الذي جري هو الممكن و لا يمكن غيره فقد تم التعبير وعن عمق عن ارادة معارضة للمشروع وتم في الأخير التصديق .
وفي رأي المتتبع الواقعي أن هذا من أروع المشاهد السياسية في المنطقة ,فلو لم تكن الديمقراطية فعلية ما لجأنا الي الاستفتاء وان نغلب –بكسر اللام- النظام والحكم هو ايضا نوع من التطرف الديمقراطي الذي لا أحد ينتظره وان كان يتم فلم نبلغه بعد.
الخير في الذي جري :عبر الشيوخ عن رأيهم وكان للنظام ما أراد وربح الشعب العافية ونامت الفتنة .
ولأنه قد علم - بضم الأول- أن موقظ الفتنة عليه اللعنة لما تجلب من الفساد فقد بات علي الاطراف العمل لصالح التهدئة لأنه اذا قضي –بالتركيب للمجهول-علي الاستقرار فلا ديمقراطية منشودة وعندئذ يكون بلوغ المتنازع عليه أيا كان ضربا من الخيال .
نعلم ان مسألة الاستقرار كثيرا ما تستغلها الانظمة للتخويف لكن الميدان يشهد علي صدقها بعض الأحيان وكثيرة هي الامثلة من الاوطان التي أضحت اثرا بسببها وأصبح الأهل يتمنون أن يردوا الي العهد القديم .
وفي مقام آخر هل نحن علي علم بأن انعدام التهدئة ملحق الأذى الكبير بالتنمية وبخاصة في القطاعات الخدمية .
ان كنا نعلم فما ذا اعددنا للوقوف امام التشرذم ؟ وما خططنا للمواكبة اذا لم نستطع الايقاف ؟
هذه مجموعة اسئلة مشروعة ,يخيل للمواطن انها من عمل الحكومة وهي وان كانت كذلك فإنها لا تقصي المواطن الذي عليه المشاركة فهو في النهاية المستفيد من التنمية حال الاستقرار والمتضرر الاكبر في حال الضيق السياسي .
نعلم كذلك أن السياسي لا يمارس عملا يدويا وليس خلاقا ومع ذلك جرت العادة والواقع أن خطاباته ورؤاه مسيطرة علي الجميع والذي لا ريب فيه ومحل اتفاق الخبراء ان تأثير الاختناق السياسي علي الاقتصاد عظيم جدا.
ويتأتى المشكل السياسي في الغالب من نكران المعارضة لنتائج الاقتراع سواء كانت طرفا أم غائبة.
ان تكرار عدم الاعتراف أفقد الأمر فعله حيث التكرار بطبعه يفقد الفعل قوته ويجعله مألوفا لا يقف عنده أحد .
ومثله عادة تجاهل الطرف الآخر الذي يخلق نوعا من الاعتقاد بان الأمور مدروسة ولا تؤثر فيها المشاركة والمقاطعة .
ان المواقف العقيمة القديمة الجديدة للمعارضة بشان المقاطعة ولدت حيرة لدي الناخب الذي بطبعه يفضل يوم الاقتراع الدخول في المخبئ والقيام بفعل ما وحده الله عليم به .
هذا الواقع لعدم ندرته وبضربه العملية السياسية في الصميم سيجعل المواطن يعتقد ان لا فائدة في الجري خلف السياسيين بل الأفضل الانزواء وذلك في ظل ظروف حياتية معلومة .
صحيح انه في الاقتراع المهم الأغلبية المطلقة من المشاركين لكن الذي علينا الخشية منه أن يأتي يوم لا يشارك الناس فيه :لا يرضون لأنفسهم المعارضة لمقاطعتها الدائمة ولا يأتون المكاتب لإدراكهم ان المهم هو الفوز الذي يتم بأي عدد.
ولأن الموجود هو الآتي وليس الحاضر ولا الماضي فتعالوا نحضر له جميعا بان نجعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.
يتأتي لنا ذلك بإلانة الخطاب والاعتماد علي أنفسنا وتقبل أننا سوية في الطموح وأن الفيصل في النهاية هو ما يجمعنا وانه في كل تنافس لا بد من غالب .
ولأن الأزمة ظاهرة تشهدها الأمم بشكل طبيعي فا لمهم هو تحليلها وأخذ الحيطة للخروج منها بأسرع ما يكون خدمة للصالح العام وتجنبا لجعلها تتسبب في مشاكل أخري لم تكن متوقعة .
ان الحوار الشامل قد يكون الحل الأنسب بحيث يشرك الجميع ويمنع التصدي المرتجل واتخاذ التعامل غير المدروس .
علينا جميعا استغلال عامل الوقت لصالحنا كي نمنع الشعور بالضبابية والاضطراب والقلق عند الناس فأعداء الأمة كثر ,منهم الظاهر ومنهم المستتر .
أدام الله عافيته علي الجميع ...