موريتانيا : النيابة تفجر قضية بوعماتو وتوجه تهما بالارتشاء والتآمر

4. سبتمبر 2017 - 8:57

 تتوجه الأنظار في موريتانيا ابتداء من يوم غد الثلاثاء صوب قصر العدالة في نواكشوط، حيث سيتواصل استكمال إجراءات محاكمة المشمولين بقضية رجل الأعمال المعارض محمد ولد بوعماتو التي فجرتها النيابة ليلة الجمعة الماضية ووجهت فيها تهم ارتكاب جرائم فساد عابرة للحدود، لثلاثة وعشرين شخصية موريتانية معارضة.
واتخذ ديوان التحقيق فجر الجمعة سلسلة إجراءات ضد المشمولين بهذه القضية بعد إحالة ملفاتهم للعدالة من شرطة الجرائم الاقتصادية، حيث أصدر قرارا باستمرار سجن محمد ولد غدة المعتقل منذ أسبوعين، وكذا سجن الرقيب محمد ولد محمد امبارك الذي نفى بتحريض من المعارض ولد غدة، الرواية الرسمية للرصاصة التي تعرض لها الرئيس في أكتوبر/ تشرين أول عام 2012.
وأصدر الديوان مذكرات توقيف ضد محمد ولد بوعماتو المقيم في مراكش منذ سنوات ومدير أعماله محمد ولد الدباغ الموجود خارج البلاد، فيما وضع تحت رقابة القضاء كلا من الشيخة المعلومة بنت الميداح وعبد الله ولد محمد الأمين العام للنقابة العامة لعمال موريتانيا، والساموري ولد بي الأمين العام للنقابة الحرة لعمال موريتانيا وموسى صمب سي المدير الناشر لصحيفة «لوكوتيديين»، وأحمد ولد الشيخ المدير الناشر لصحيفة «القلم».
كما أصدر ديوان التحقيق أوامر إحضار إلزامية من أجل الاستجواب ضد أعضاء مجلس الشيوخ المنحل الذين صوتوا ضد التعديلات الدستورية، وهم محمد الأمين ولد محمد السالك ولد ابنيجاره، سيدي محمد ولد سيدي إبراهيم، ومحمد المصطفى ولد محمد ولد أنبط، والشيخ ولد الدده، ومحمد ولد سيد أحمد، وينجه ولد أحمد شلل، ومحمد المصطفى ولد سيداتي، وفرفورة منت محمد الأمين، وأبه السكر ولد مولاي ادريس، ومحمد سيدنا ولد أبكر، وأحمد محمود ولد الحاج.
وتوضح هذه الإجراءات للرأي العام الموريتاني ما تضمنه البيان الذي سبق للنيابة العامة أن أصدرته قبل أسبوعين وأكدت فيه «توصلها لمعلومات موثقة تتعلق بتشكيل منظم يهدف إلى زعزعة السلم العام»، مبرزة أنها «فتحت تحقيقات ابتدائية معمقة وشاملة، تتعلق بالتمالؤ والتخطيط لارتكاب جرائم فساد كبرى عابرة للحدود».
«وفي إطار تلك التحقيقات، تضيف النيابة، تم حتى الآن توقيف المشتبه به محمد ولد أحمد ولد غدة، طبقا لأحكام وترتيبات القوانين المعمول بها، وأتيح له اللقاء مع محاميه ضمانا لحقوق الدفاع».
وأضافت: «وكان المشتبه به نفسه قد تم توقيفه رفقة مشتبه به آخر بناء على شكوى تقدم بها ضابط في الجيش، تتعلق باختلاق وقائع وتصريحات كاذبة».
«والنيابة العامة، يضيف البيان، وهي تعلن للرأي العام فتح هذه التحقيقات الشاملة في جرائم خطيرة أخذت مسالك غير تقليدية، وغير مسبوقة في تاريخ البلد، تؤكد أن ظروف توقيف كل من تشملهم هذه التحقيقات ستكون كما كانت دائما خاضعة لمقتضيات الشرعية التي تكفلها مقتضيات القوانين وتراقبها السلطة القضائية، وستطلع النيابة العامة وفق ما تسمح به الاجراءات القانونية الرأي العام على المعطيات الأساسية التي ستتكشف عن هذه الوقائع وغيرها».
وبينا هاجم المدونون هذه الإجراءات، أعرب الحسن ولد محمد زعيم المعارضة الموريتانية في بيان وزعه أمس عن «قلقه الشديد لواقع الأزمة السياسية التي يعيشها البلد والمنعطف الخطير الذي يسعى النظام لأن يوقعه فيه غير آبه لواقعه وظروفه».
وطالب زعيم المعارضة في بيانه «بوقف، ما سماه، الاعتداءات السافرة على حرية الأفراد والانتهاكات المتكررة لرمزية المؤسسات، والاستغلال المهين لهيبة الدولة ومؤسساتها في تصفية الحسابات الضيقة مع الخصوم السياسيين»، داعيا «إلى الإطلاق الفوري لسراح الموقوفين من دون قيد أو شرط».
ودعا ولد محمد «الشعب الموريتاني الأبي وطلائعه من قوى المعارضة الجادة لان يكونوا موجودين والوقوف بحزم في وجه هذا النظام الذي أصبح عبئا ثقيلا على البلد، فبعد أن وأد تجربته الديمقراطية وأعاق تنميته ونهب ثرواته، ها هو اليوم يعبث بدستوره وقوانينه ويهدد وحدته وأمنه واستقراره».
وأضافك «بدل أن يوظف النظام الحالي فرصة عشر ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك للتراجع عن أخطائه والدعوة للحوار وتهدئة الأجواء السياسية الملبدة بالتوتر والاحتقان والتأزيم بفعل السياسات الأحادية والخطوات الارتجالية المستفزة التي كان آخرها تغيير دستور البلاد ورموزها الوطنية في مسار أحادي مطعون في شرعيته القانونية والسياسية، وبدل أن يأخذ النظام المبادرة لطلب الصفح والاعتذار للشعب ولقواه الوطنية الحية، نجده على العكس من ذلك تماما يستمر ويمعن في سياسة النعامة والتخبط في وحل الفشل والارتباك السياسي وذلك من خلال استغلال القضاء لتلفيق التهم الجائرة ضد نخبة من خيرة أبناء هذا الوطن وفي قطاعات وفئات حيوية مهمة (شيوخ و نقابيين وصحافيين ورجال أعمال) لتتعمق بذلك مظاهر الأزمة وتتعدد أبعادها فما عاد المواطن يأمن على نفسه غائلة الاستهداف السياسي في أبشع صوره وأشدها تخلفا ورجعية.»
وبهذه الإجراءات تتواصل معركة لي الذراع السياسية بين نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وخصومه، وبالذات بينه وابن عمه الملياردير محمد ولد بوعماتو الذي هو اليوم بعد أن كان أكبر داعمي انقلابه عام 2008 مع الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله. 
وبعد أن ظهر الخلاف بين الرئيس عزيز وولد بوعماتو، تعرضت مؤسسات بوعماتو لمضايقات من إدارة الضرائب، واضطر بوعماتو للهجرة حيث أقام مستخدما جنسيته الفرنسية، في مدينة مراكش المغربية. ويعتبر ولد بوعماتو بثروته الطائلة وعلاقاته الدولية الواسعة وسمعته الطيبة داخل موريتانيا التي اكتسبها بعمله الخيري خاصة مستشفاه الخيري المتخصص في العيون، مصدر قلق كبير لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
والدليل على كل هذا أن أسئلة المحققين في هذا الملف المسمى بملف الفساد العابر للحدود، تركزت كلها على السيد بوعماتو وعلى الأموال التي تلقاها المتهمون منه. 
فهل الغرض من وراء كل هذا هو توريط رجل الأعمال بوعماتو في قضايا تتعلق بزعزعة استقرار البلد، أم أن الغرض من كل هذا هو تخويف الشيوخ الذين أصبحوا يتامى بعد إلغاء مجلسهم في الاستفتاء الأخير، حتى لا يتوجهوا للتصعيد؟
الجواب على هذه التساؤلات سيتضح غدا الثلاثاء من خلال ما سيتخذه القضاء من إجراءات.

القدس العربي 

تابعونا