«الإرهاب ولد في المغرب» عنوان على غلاف مجلة «جون أفريك» الفرنسية

31. أغسطس 2017 - 16:52

 أثار غلاف مجلة «جون افريك» الفرنسية في عددها الأسبوعي، الذي ضم ملفا عن المغاربة المنتمين للخلية الإرهابية التي أعدت ونفذت اعتدائي برشلونة وكامبرليس، قبل أسبوعين، غضبا في المغرب حيث اعتبر عدد من رواد مواقع التواصل الإجتماعي أن ما أقدمت عليه المجلة إهانة للمغاربة جميعهم وإدانة جماعية لهم بتهمة الإرهاب.
وتضمَّن غلاف المجلة، ألوان العلم المغربي (الأحمر والأخضر) والنجمة الخماسية، مع عبارة تقول: (الإرهاب ولد في المغرب). وأرفقت المجلة صور الشباب الذين يحملون الجنسية الأوروبية، من أصول مغربية، ينتمون للخلية الإرهابية المتورطة في الهجومين الإرهابيين برشلونة وكامبرليس في إسبانيا إضافة إلى العبارة المستفزة.
واستنكرت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «اسيسكو» ما جاء في الغلاف واصفة إياه بالـ «المستفز». وقالت في بيان لها: إن « ما قامت به المجلة عمل غير مهني، يتضمن اتهاما ظالما لشعب بلد له تاريخ حضاري عريق وحاضر مزدهر، ومشهود له عالميا بنهج سياسة حكيمة ورائدة في محاربة التطرف والعنف والإرهاب»، موضحة، إن مقترفي العمليات الإرهابية في الدول الأوروبية ولدوا ونشأوا فيها، وتلقوا تعليمهم في مدارسها، ولا علاقة للمغرب وثقافته بهم وبانحرافهم.
ودعت المنظمة، الدول الأعضاء بها والمنظمات الحقوقية والجمعيات المهنية للصحافيين داخل العالم الإسلامي وخارجه، إلى التنديد بما قامت به المجلة. معتبرة، أن عملها هذا يمثل إساءة لدولة لها مكانة محترمة في الساحة الدولية، وخرقا سافرا لمواثيق الصحافة والإعلام والنشر المتعارف عليها دوليا.
وفي الوقت الذي لم يتم تسجيل أي تفاعل رسمي مع سلوك المجلة الفرنكوفونية، التي يعتبرها كثيرون مجلة “مدللة” لدى المسؤولين المغاربة وعدد كبير من كبريات الشركات في البلاد، سحبت شركة الخطوط الملكية المغربية (الناقل الالرسمي المغربي) كافة نسخ العدد الأخير من المجلة الفرنسية من على رحلاتها، وقال مسؤول في الشركة إن شركة الطيران المغربية، وبعد إطلاع مستخدميها على الغلاف المذكور، قررت سحب عدد “جون أفريك” من طائراتها والصالونات التابعة لها والمنشآت التي تديرها كافة بعد أن كانت هذه المجلة ضمن الباقة الرئيسية للمجلات والجرائد المقدمة للزبائن.
وانتقد عدد من المثقفين ورواد مواقع التواصل الإجتماعي المغاربة غلاف المجلة، معتبرين أنه «يسيء إلى الشعب المغربي»، و»إدانة جماعية للمغاربة بتهمة الإرهاب».
ووصف عالم الإجتماع المغربي، محمد ناجي، في تدوينة له على موقع «فيسبوك»، المجلة بأنها صارت على خطى مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية التي دأبت على مهاجمة المسلمين، التي اشتهرت بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وأعاد الجدل الذي أثاره عنوان المجلة الفرنسية النقاش من جديد حول الطريقة التي تعاملت بها وسائل الاعلام الدولية مع تورط شبان مغاربة في الاعتداءات الارهابية وسبق لصحيفة «الغارديان» البريطانية أن نشرت مقالا بعنوان «الإرهابيون المغاربة بتنظيم الدولة الاسلامية: تهديد على أبواب أوروبا»، مشيرة الى أن 1600 مغربي سافروا للقتال في العراق وسورية، ما يجعلهم أكثر المقاتلين العرب مع التنظيم الإرهابي».
ونشرت صحيفة «الكونفيدونسيال» الإسبانية تقريرا بعنوان «الحضور الدائم للمغاربة في الأحداث الإرهابية»، اعتبرت فيه أن المغاربة يمثلون 40 من مئة من أصل 178 إرهابيا المعتقلين في إسبانيا منذ 2013 للاشتباه في صلتهم بأنشطة إرهابية، مؤكدة أن المغاربة يوجدون على رأس المتورطين في الأعمال الإرهابية.
ونشرت صحيفة « لوموند » الفرنسية مقالا للسوسيولوجي الفرنسي المخضرم فرهاد خسروخاور أكد فيه أن الجهاديين صنفان: الأول يتشكل من أفراد معزولين، تائهين، والآخر من مجموعات منظمة ومدربة. وإذا كان الصنف الأول يضم جنسيات متنوعة فإن الثاني يتميز بحضور قوي للمغاربة، وجلهم من الفئة الأمازيغية المقموعة من طرف النظام في المغرب».
وقال محمد الزهراوي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاضي عياض بمراكش لـ»القدس العربي»: إن «ما ذهبت إليه المجلة الفرنسية وباقي المنابر الإعلامية في أوروبا عندما تم التركيز على الانتماء الجغرافي لمنفدي العمليات الإرهابية في كل من إسبانيا وفنلندا، هي مجرد محاولات لتغليط الرأي العام في تلك الدول، على اعتبار أن أولئك الأفراد هم نتاج التنشئة والتربية بتلك البلدان، حيث أنهم وإن كانت أصولهم مغربية فقد نشأوا وترعرعوا في تلك البلدان.
وأضاف: إن «التركيز على أصول منفذي الهجمات الإرهابية هو نوع من الهروب إلى الخلف للتغطية على عجز تلك البلدان وفشلها في إدماج واعتماد مقاربات وسياسات فعالة وناجعة يمكنها أن تحد من ظاهرة الإرهاب. ويمكن القول إن هذا الفشل مرتبط بخلفيتين اثنتين: الاولى، غياب استراتيجية لتلك الدول لإدماج الجيل الثالث من المهاجرين خاصة ذوي الأصول الإسلامية، من خلال مراعاة الخصوصيات الثقافية واعتماد مقاربات متعددة لاسيما في الجوانب الدينية. والثانية، يضيف الزهراوي: تتمثل في عدم نجاعة المقاربات الأمنية المعتمدة.
وقال إدريس لكنبوري، الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية والفكر الإسلامي: «لا يمكن القول إن الإرهاب ولد في المغرب في وقت أبان فيه هذا البلد في أكثر من مرة جديته في محاربة الإرهاب والتطرف وعزمه على التعاون مع الكثير من الدول الأوروبية في هذا المجال. وأضاف بأن الظاهرة باتت اليوم ظاهرة عالمية وإقليمية لا محلية، ولا تقتصر على بلد معين».

القدس العربي 

تابعونا