بدأ التعويل الموريتاني على الدعم المالي السعودي الذي بذلت موريتانيا في سبيله جهودا سياسية وديبلوماسية كبيرة، بدأ هذا التعويل يعطي ثماره، بعد أن تمخضت زيارة يوسف البسام نائب رئيس الصندوق السعودي للتنمية لنواكشوط أمس عن توقيع ثلاث اتفاقيات قروض ميسرة بغلاف مالي إجمالي يصل إلى 135 مليون دولار أمريكي موجهة لتمويل مشروعات تخص قطاعات الزراعة والطاقة والطرق.
ونصت الاتفاقيات الموقعة على تمويل مشروع الربط الكهربائي بين العاصمة نواكشوط ومدينة الزويرات العاصمة المنجمية الموريتانية، كما تضمنت تمويل مشروع إنشاء الطريق الرابط بين الطريق الوطني رقم 1 (نواكشوط، اكجوجت، بنشاب)، والطريق الوطني رقم 4 (نواكشوط، نواذيبو)، كما تضمنت تمويل مشروع توسعة قناة كوندي.
وأكد إبراهيم البسام «أن التعاون السعودي مع موريتانيا في مجال المشروعات الإنمائية يعود لأكثر من 35 سنة»، مبرزا «أنه بتوقيع هذه الاتفاقيات يصبح عدد المشروعات التي يساهم الصندوق في تمويلها قروض ومنح ميسرة، 38 مشروعا تغطي القطاعات جميعها».
وشدد على «حرص العربية السعودية على مواصلة دعمها للحكومة الموريتانية في إنجاز مشروعات إنمائية في مختلف القطاعات من أجل استكمال البنى التحتية، في إطار اقتصاد وطني متكامل يتلاءم مع تحقيق الرفاه للشعب الموريتاني».
وأوضح وزير الاقتصاد الموريتاني المختار ولد أجاي « المشروعات التي وقعت حولها الاتفاقيات ستساهم في إمداد مناطق التعدين الكبرى والمناطق السياحية بطاقة كهربائية رخيصة ونظيفة، وكذا فك العزلة عن التجمعات السكانية الواقعة على الطريق الذي سيتم انجازه لربط بنشاب ونواكشوط ونواذيبو، إضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي عبر تحسين الانتاج والرفع من مردودية قناة كوندي».
والتقى إبراهيم البسام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بعد توقيعه الاتفاقيات، وأكد في تصريح صحافي: «أن مقابلته للرئيس الموريتاني تركزت على دور الصندوق في تنفيذ برامج التنمية في موريتانيا، كما تطرقت للاتفاقيات الثلاث التي وقعت وشملت مجالات انمائية تتعلق بالطاقة الكهربائية والزراعة والطرق».
وقال: «سيستمر الصندوق في دعم مشروعات التنمية في موريتانيا وسينظر في الطلبات المقدمة له في إطار الأولويات التي تحددها الحكومة الموريتانية».
وتأتي زيارة إبراهيم البسام لموريتانيا ثلاثة أشهر بعد اصطفاف الحكومة الموريتانية مع السعودية في أزمتها مع قطر، حيث قطعت حكومة نواكشوط علاقاتها الديبلوماسية مع الدوحة في السادس يونيو/حزيران الماضي، متهمة «دولة قطر بالعمل على تقويض المبادئ التي تأسس عليها العمل العربي المشترك، ونشر الفوضى والقلاقل في العديد من البلدان العربية». وكان الرسميون السعوديون قد احتفوا كثيرا، وبشكل غير مسبوق، بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال زيارته الرسمية التي أداها للمملكة العربية السعودية في شهر أبريل/نيسان 2016، حيث استقبله الملك سلمان واصطف على باب غرفته وزراء المالية والدفاع والزراعة والنقل في الحكومة السعودية وقابله رئيس شركة «سابك» السعودية العملاقة. وكانت هذه الزيارة مناسبة لاستعراض ما وعد به السعوديون من قبل بخصوص توجيه استثمارات ضخمة إلى موريتانيا بملايين الدولارات، لتنفيذ مشروعات مهمة في مجالات البنى التحتية والزراعة والتعليم والتكوين المهني، مقابل قيام الجانب الموريتاني بخطوات سياسية ودبلوماسية تدعم الموقع السعودي في منطقة الخليج وعلى المستويين العربي والدولي.
وترتاح السلطات السعودية عظيم الارتياح لاصطفاف الرئيس الموريتاني السريع إلى جانب التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن ضد الحوثيين الشيعة وضد الهيمنة الإيرانية على شبه المنطقة.
يذكر أن العلاقات الموريتانية السعودية شهدت منذ إقامتها عام 1972م حالات مد وجزر حيث عرفت فتورا طويلا بعد وقوف الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع عام 1990 في حرب الخليج إلى جانب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ثم قامت الحكومة السعودية عام 2007 بتنشيط العلاقات مع موريتانيا برفع مستوى تمثيلها الدبلوماسي في نواكشوط لدرجة سفير.
وشكلت الزيارة التي قام بها لموريتانيا في شهر نيسان/ أبريل من العام قبل الماضي، نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز وهو أرفع مسؤول سعودي يزور موريتانيا منذ عقود، مؤشرا آخر على تحسن كبير في العلاقات بين الرياض ونواكشوط.
وأشرف الأمير السعودي خلال تلك الزيارة، على وضع الحجر الأساس لمشروع جامعة جديدة شمال العاصمة نواكشوط بتكلفة ثلاثين مليون دولار أمريكي.
وذكرت تقارير رسمية سعودية أن حجم الدعم السعودي للتنمية في موريتانيا بلغ 111 مليار أوقية (1 دولار= 350 أوقية)؛ قدم على شكل قروض ومنح وهبات.
القدس العربي