من نافلة القول أن المجتمع الموريتاني أعرب بجميع مكوناته في استفتاء الخامس من أغسطس عن اعتزازه وافتخاره بتمكينه من وضع بصماته الخاصة على دستوره من خلال التعديلات الدستورية التي تمثلت في إضافة شريطين أحمرين يرمزان إلى التضحية في سبيل الوطن، وإلى دماء أبطال المقاومة ضد الاستعمار والشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف دفاعا عن الأرض والعرض وإلغاء مجلس الشيوخ لجسامة تكاليفه وقلة مردوديته وإنشاء مجالس جهوية للتنمية مكانه
ودمج مؤسسات المجلس الإسلامي الأعلى ومجلس الفتوى والمظالم ووسيط الجمهورية في هيئة واحدة تدعى مجلس الفتوى والمظالم وذلك بغية تخفيف أعبائها وإلحاق ودمج شؤون البيئة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي لما لحماية البيئة من أهمية
وقد بعث ارتفاع نسبة مشاركة الناخبين الموريتانيين عموما في الاستفتاء على التعديلات الدستورية مجموعة من الرسائل الهامة على كل الأطياف السياسية في البلد أن تقرأها جيدا غير أن الرسائل التي أراد أفراد مؤسستنا الأمنية بالخصوص أن يبعثوها عبر مشاركتهم في هذا الاستفتاء لم تكن مشفرة على غير عادتها فارتفاع نسبة التصويت بنعم في المكاتب التي صوتت فيها الشرطة الوطنية بمقاطعتي لكصر وتفرغ زينه تبعث برسائل حري بنا جميعا أن نقرئها بتمعن وتدبر وخاصة إذا كان رئيس الدولة محمد ولد عبد العزيز الذي هو أحد أبناء هذه المؤسسة وقد بلغت في عهده من التحسن في الظروف على مستوى العلاوات و الرتب ما لم تبلغه من قبل لا يريد أن يتدخل لفرد من أفرادها في أداء واجبه الانتخابي بل أمر بأن تترك لكافة أفراد المؤسسة العسكرية والأمنية حرية الاختيار وذلك ما ثبت بالدليل القطعي بعد خروج النتائج حيث أن بعض الحرس الرئاسي صوتوا ب"لا" في هذا الاستفتاء
هذه الرسائل التي أراد أفراد مؤسستنا الأمنية أن يبعثوا بها من خلال حصدهم لأعلى نسبة مشاركة في المكاتب التي صوتوا فيها لم تكن مشفرة كما أسلفنا بل كانت واضحة جدا ومفصلة حيث أنها خصصت جانبا كبيرا منها يعكس مدى أهمية مهارات القائد الذي هو القلب النابض للإدارة وتجربته القيادية والإدارية وقربه من أفراد مؤسسته والتعاطي معهم بشكل إيجابي في جميع مناحي العمل اليومي واهتمامه بمشاكلهم ودفاعه عن مصالحهم وحقوقهم الأمر الذي يكسب القائد القدرة على التأثير في سلوكيات الأفراد الذين تحت إمرته وتوجيههم وشحذ هممهم وخلق تعاون بينهم بطريقة فعالة تضمن طاعتهم وولائهم عن رضى واقتناع لتحقيق الأهداف المنشودة في الوقت الذي لم تغفل طبعا تلك الرسائل امتنان قواتنا الأمنية واعتزازها وفخرها باللفتة الكريمة في هذه الإصلاحات الدستورية لشهداء الوطن البواسل الذين ضربوا أروع الأمثلة في الشجاعة والذود عن الأرض والعرض حتى تبقى ذكراهم العطرة حية في الضمائر والنفوس وشعلة يستنير بها كل السائرين على خطاهم.