انواكشوط " موريتانيا الحدث " :
- تشهد الساحة السياسية الموريتانية حاليا مخاضات ما بعد الاستفتاء؛ حيث ينتظر الإعلان عن تعديل في الحكومة لمواجهة المرحلة المقبلة التي يتوقع أن تكون صعبة لكونها ستشهد انتخابات برلمانية وبلدية في ظل أزمة سياسية خانقة.
ومع ذلك فقد عادت النفوس لهدوئها قليلا أمس بعد صاعقة الاستفتاء؛ حيث عادت المعارضة إلى قواعدها للتخطيط للخطوة المقبلة، بينما ظهر الرئيس الموريتاني في زيارة لاتحادية كرة القدم يوم الأربعاء واثقا بنفسه ناصحا للشعب ومبتهجا بنتيجة الاستفتاء.
وأكد الرئيس ولد عبد العزيز «أن تجاوز التصويت بـ «نعم» لنسبة 85 في المائة يعكس مستوى الوعي الكبير الذي وصل إليه الشعب الموريتاني منذ تبنيه لخيار التغيير البناء في 2009 (أي عام وصوله هو للسلطة منتخبا)».
وفي رسالة طمأنة عامة قال الرئيس الموريتاني: «إن المعارضة في حد ذاتها حالة صحية وهي من سمات النظام الديمقراطي، لكن المعارضة الغريبة هي تلك التي ترفض كل شيء، وتمتنع عن كل شيء، وتتمنى الأسوأ للشعب الموريتاني».
وأوضح في رد منه على انتقادات معارضيه: «أن موريتانيا شهدت تطورا كبيرا على مختلف الأصعد الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وأن من واجب الموريتانيين جميعا المحافظة على هذه المكاسب وتعزيزها، والامتناع عن كل ما من شأنه أن يجر البلد إلى مآلات كارثية كالتي شهدتها دول أخرى».
وقال: «مهما بذلنا من جهد فستبقى هناك نواقص، وستبقى بعد الذين سيخلفوننا نواقص كذلك لأن هذه هي سنة الحياة، فالحاجيات تتطور مع الزمن وسنغادر السلطة من دون أن نتمكن من إكمالها، والرئيس الذي سيأتي من بعدي لن يتمكن هو الآخر من إكمالها».
وانتقد الرئيس الموريتاني بشدة مواقف المعارضة الرافضة للاعتراف بأن شيئاً قد تحقق في موريتانيا، مشيراً إلى «أن هذه المعارضة تريد عدم الاستقرار لموريتانيا، وأن يحدث في موريتانيا ما حدث في بلدان أخرى».
وقال: «إنه يريد من الموريتانيين، موالاة ومعارضة، أن يحافظوا على أمن واستقرار موريتانيا، وأن يفهموا أنها دولتهم جميعاً».
وأضاف ولد عبد العزيز: «أن إنجازات كثيرة تحققت خلال حكمه وبقي الكثير لأن «الحاجيات تتطور مع الزمن»، مشيراً إلى أنه سيغادر السلطة من دون أن تكتمل هذه الاحتياجات، وسيأتي رئيس جديد يواصل العمل من أجل إكمالها، ولكنه لن يكملها لأنها تتطور باستمرار «.
وينشغل الموريتانيون حاليا باستكناه ما سيقوم به الرئيس الموريتاني بعد انتصاره في معركة الاستفتاء الدستوري.
ويتساءل المراقبون عما إذا الرئيس سيهتم بالتحضير للتناوب على السلطة مع خلفه في انتخابات 2019 أم أنه عكسا لذلك سيهتمن حسبما تقوله معارضته، بتأسيس ما تسميه الموالاة «الجمهورية الثالثة». وفي تحليل استشرافي للمستقبل طرحت صحيفة «لوكلام» أعرق صحف موريتانيا المنتظمة إشكالية الأجندة التي سيطبقها الرئيس، مؤكدة «أن على الموريتانيين أن يتجهوا للوفاق على انتخابات 2019 قبل أن يفوت الأوان».
وأضافت «ستشهد المرحلة المقبلة معركة حامية الوطيس، وإذا كان الرئيس قد كسب معركة الاستفتاء بنسبة مشاركة وصلت إلى 53.75% فإنه قد كسبها بصعوبة بالغة لكن «كيف يمكن أن ينهزم من خلق لكيلا يهزم؟»، تقول الصحيفة.
وتابعت «لوكلام» معالجتها تقول «لقد تمخض الاستفتاء الدستوري عن تأزم داخلي كبير في موريتانيا، والحقيقة أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز لم يتمكن خلال مأموريتيه من تهدئة الساحة السياسية: فهل سعى لذلك؟، إن ما يظهره الرئيس يدل على سعيه للتهدئة من خلال دورات الحوار التي نظمتها حكومته، لكن الهوة بينه مع أطراف المشهد ظلت تتسع سنة بعد أخرى، ولم تظهر خلال ما مضى من حكمه أية علامة على التفاهم بين الموريتانيين».
وخلصت الصحيفة للتأكيد بأن «كل شيء قد تأزم في ظل حكم الرئيس عزيز رغم ما يعلن عنه نظامه من معدلات تنموية كبيرة، فالبطالة تزداد، والأسعار ترتفع، والتعليم والصحة قطاعان مهملان؛ لهذه الأسباب كلها، تضيف الصحيفة، فإن موريتانيا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لحوار وطني لأن الموريتانيين بعد معركة الاستفتاء مقبلون على استحقاقات انتخابية أخرى ستكون صعبة إذا لم يحدث في ظل وفاق وطني».
القدس العربي