حملةُ بيرامَ في الوقتِ الضائع؟

29. ديسمبر 2025 - 20:52

عَرَفْتُ بيرامَ وأنا في الحملةِ الإعلاميَّةِ للمرشَّحِ لَزَيْنِ وُلْدِ زَيْدان، وكان طموحُه أن يكونَ موظَّفًا، وقد تمَّ التلاعُبُ بنا وبالمساندينَ للمرشَّحِ عندما احتوَتْه تلك الحقبةُ.
وعرَفْتُه مديرًا للإذاعةِ في حقبتينِ ترشَّحَ فيهما، وشهادتَيهِ موثَّقتانِ عن حياديَّةِ الإذاعةِ في التغطيةِ لدورَتَيِ الانتخاباتِ.

ثمَّ عرَفْتُه ثالثًا عندما زارني في الإذاعةِ وفي منزلي مرارًا، وقال خارجًا من مكتبي على سُلَّمِ الإذاعةِ: (وجدتُ صاحبي غزواني).
وبمبادرةٍ مستقلَّةٍ وفَّرْنا له في نظامِ غزواني القوَّةَ الهادئةَ، وكلَّ وسائلِ الإعلامِ العموميَّةِ والخصوصيَّةِ، ليمدحَ الرئيسَ وعهدَه الذي أصبح عهدَ الإجماعِ الوطنيِّ، وأوصلَ رسائلَه في بثٍّ مباشرٍ وموحَّدٍ لا يمكنُ أن يُنكِرَه، وكان حريصًا على إغلاقِ ملفِّه كناطقٍ باسمِ التوتير، وكممثِّلٍ لدعواتِ الهجومِ على المجتمعِ وفئاته، وعلى علماءِ البلد.
وقد أُتيحَ له أن يقدِّمَ توبةً شاملةً عبَّر عنها بشهادةِ الجميع، وانفتحَ على أهلِ الخير، معتذرًا عن حرقِ كتبِ القرآنِ والسُّنَّةِ.

لا أريدُ أن أعلِّقَ كثيرًا على ما يقولُ بيرامُ منذ فقدَ طريقَ الحريرِ في موريتانيا وأوروبا ودولِ الجوار، بعد مسارِه مع الباحثينَ عن السُّلطةِ «بمنخفضِه وشنشنته».

لكن أريدُ أن يقرأَ ثلاثَ رسائلَ مني:

الأولى:
أنَّ الهجومَ على الشيخِ الداعيةِ المحبوبِ محمدِ ولدِ سيدِ يحيى، صوتِ الحريةِ والحقِّ، أكبرُ ضررٍ عليه في موريتانيا والأمَّةِ المسلمةِ، وفي الدارينِ (دنياه وأخراه)، ومن يُشيرُ عليه بذلك من السياسيين يُحرِقُ أوراقَه.
فالشيخُ الجَسورُ في قولِ الحقِّ، والدفاعِ عن المستضعفين، وعن إغراءاتِ كلِّ الأنظمةِ وطُلَّابِ المالِ والسُّلطة، يصحُّ فيه قولُ الحسنِ بنِ عليٍّ رضيَ اللهُ عنه للخوارجِ وللأمويين:
«واللهِ لا تبلُغونَ مجدَنا، ولا تُطفِئونَ شمسَنا».

والرسالةُ الثانية:
أنَّ الوفاءَ الذي قال عني صحيحٌ للرؤساءِ الثلاثةِ (معاوية، وعزيز، وغزواني)، تأييدًا ومعارضةً، ولا أنكرُه.
ولكن الشهادةَ التي أدلى بها بأني حضرتُها، الصحيحُ منها أنَّ حُرَّاسَه منعوا المذكورَ من الدخولِ عليه، وطلبَ منهم هو في الفندقِ بآكجوجت ـ حين قدَّمتُ له النُّصح ـ أن يتركوه.
يُهاجِمُه، لكن المعنيَّ حين هاجمه لم يقلْ أبدًا إنَّه مبعوثٌ من قِبَلِ محمد أحمد، وزيرِ الداخليَّة، ولم يُهدِّدْه باسمِه، فهذا تحريفٌ أعرفُ غرضَ بيرامَ في استغلالِه، وهو ما أفنِّدُه وأكذِّبُه للرأيِ العامِّ بنسبةِ 100%.
كما أعرفُ اعترافَه بإفشالِ الحوارِ الأوَّلِ الذي قاده لإخراجِ ولدِ الواقف والمستشارين معه من الرئاسة، كما قال لي بيرامُ.
وهجومُه المتكرِّرُ على ولدِ مكت، ومطلبُه بأنَّه إذا جعله النظامُ رئيسًا للبرلمان فلن يترشَّحَ في الانتخاباتِ الماضية.
وكان يحتجُّ بأنَّه يُخطِّطُ لانتخاباتِ 2029، وأنَّه سيُغلِقُ ملفَّ خطابِ التوتير، وهو المؤهَّلُ لذلك، إذا أُشرِك في السُّلطة واعترف النظامُ بحزبه.

وكنتُ أرى أنَّه يجبُ أن يُتاحَ له موقعٌ في التنميةِ الداخليَّة، ولا أزالُ أرى أنَّه من المهمِّ له ومن مصلحتِه المشاركةُ في الحوار، وتركُ كلِّ خطاباتِ التوتيرِ والصراع.
ولا أُخفي ذلك عن أيِّ طرفٍ من النظام.

ما أنصحُ به الأخَ بيرامَ أن يعلمَ أنَّه فردٌ من مجتمعاتٍ حكمتِ القارَّةَ، وإفريقيا، والأندلس، منذ عشرةِ قرون، وهو متأخِّرٌ؛ لم يُشارك في جيلِ الملثَّمين، ولم يحظَ بأن يكونَ له تاريخٌ في جيلِ المرابطين الفاتحين، ولم يُذكَر له تاريخٌ في جيلِ المقاومةِ الوطنيَّة، وليس له قدمُ صدقٍ في جيلِ الحركاتِ السياسيَّةِ والأحزابِ المعارضةِ التي عُذِّبت وشُرِّدت وقُتلت من كلِّ الفئاتِ والمشارب.
ولا يمكنُ أن تكونَ له شرعيَّةٌ سياسيَّةٌ أو دينيَّةٌ أو ثقافيَّةٌ أو شرائحيَّةٌ أو مستقبليَّةٌ إذا واصلَ التنقُّلَ بين من يستغلُّونه في الداخلِ والخارج، تارةً يشكرُ وتارةً يذمُّ.

المبدعون لا يتقاعدون، وكما قال القرطبيُّ عند قولِه تعالى:
﴿لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ﴾
«أحاديثُ الأقرانِ في الأقرانِ تُطوى ولا تُروى».

وما لديَّ من أدلَّةِ أحاديثِ الأقرانِ معك، الأخَ بيرام، ليس من مصلحتِك نشرُه للرأيِ العامِّ.
ومن يُحالِفُك ويحثُّك على مهاجمةِ شيخِنا محمدِ ولدِ سيدِ يحيى (العبدِ الصالحِ) خصوصًا، يعرِّضُك للكراهيةِ في قلوبِ من حرَّرهم وأحبُّوه بلا رشوةٍ ولا مِنَّة.

نحتاجُ إلى حوارٍ شاملٍ لمواجهةِ الأخطارِ التي تُهدِّدُ المجالاتِ الأربعة:
وحدةَ المجتمع، والوحدةَ الترابيَّة، ودولةَ الفقهاءِ، ودولةَ الحَوكمةِ والنماءِ.
حوارٌ لا يُقصي أحدًا، ولا يقبلُ الاحتكار.

هذا وقتُ الحكماءِ، وليس وقتَ اللعبِ بالنار.

محمدُ الشيخِ ولدُ سيدِ محمد
أستاذٌ وكاتبٌ صحفيٌّ
الاثنين: 29 / 12 / 2025

إعلانات