نظم بيت الشعر - نواكشوط مساء(الخميس) 22س فبراير 2024 ضمن سلسلة "تجارب مثمرة"جلسةً مميزة مع الشاعر الدكتور محمد ولد اجريفين. وتأتي هذه السلسلة ضمن أنشطة بيت الشعر التي تستضيف كبار رواد الثقافة والفكر للحديث عن تجاربهم المعرفية، وتعريف الجمهور بأهمّ محطّاتهم المتباينة بغية استخلاص الثمرة والأمل منها.
في كلمته بالمناسبة عبر مدير بيت الشعر الدكتور عبد الله السيد عن ترحيبه بضيف الأمسية د. محمد ولد اجريفين، مشيدا بتجربته المتنوعة والمليئة بالصعوبات والنجاحات، داعيا الطلبة والباحثين من الشباب إلى الاقتداء بها، والاستفادة من حكمتها. كما دعا كافة المهتمين بالشأن الثقافي أن يقدموا مقترحاتهم وإنتاجهم الأدبي والعلمي عبر منصة بيت الشعر التي ستظل مفتوحة دائما أمام الجميع، من أجل الرسالة الحضارية التي تقف وراءها رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وقد قدّم الجلسة الأستاذ محمد المامون البار الذي عرّف بضيف الأمسية بصورة مختصرة، محيلا إليه الحديث.
في بداية كلمته توجه د. أحمدو اجريفين بالشكر إلى بيت الشعر-نواكشوط معتبرا أنه شكل منصة حقيقية تتعاقب عليها مختلف التجارب الشعرية والفكرية والثقافية معينا بذلك على تأدية الرسالة الحضارية للمثقف.
وفي سياق الحديث عن تجربته تطرق إلى ثلاث مراحل ميزت محطات حياته؛ إذ تحدّث في المرحلة الأولى عن ظروف النشأة ومساره التربويّ بالريف الموريتانيّ الذي تطبعه البساطة، ثم لحاقه بالتعليم الابتدائي النظاميّ وإكماله الدراسة المتوسطة في الشعبة الرياضية العلمية، وحصوله على الباكلوريا ونيله منحة دراسية خارج البلد.
أما في المرحلة الثانية فقد عبّر عن ظروف الهجرة ومشاهدة الحياة خارج موريتانيا، والبيئات الجامعية المكتظة بالطلاب متعدّدي الجنسيات، وأشار في هذا السياق إلى الخيبة التي اعترت تخصصه الفيزيائي بعد غلق قسمه الدراسيّ لظروف جامعية خاصّة، ليواصل رحلته بتخصص علم الحاسوب الذي كان يستهويه لجدّته وحديث الساعة حينئذ عن الأنترنت والعولمة، متطرقا إلى العراقيل والتحديات الكثيرة التي واجهته أثناء مسيرته العلمية، لكنّ شغفه واهتمامه بتكملة مساره العالي أوصلته إلى التحصّل على منحة دراسية إلى كوالالامبور بماليزيا، وقد حصل على الماجيستير من الجامعة الإسلامية في علم الحاسوب، ثمّ عاد إلى موريتانيا. وظلّ على طموحه العالي بالتقدم في مجال اختصاصه، وختم مشواره العلمي بالحصول على منحة لإكمال شهادة الدكتورا في كندا.
أما في المرحلة الثالثة فقدم خلاصة تجربته بما اكتنفها من الصعوبات والتحديات، واستنتاجه أن الحياة تستحقّ الصمود والأمل والبحث عن الفرص، معرّجا على ذاته الأخرى الشاعرية الخفية، إذ لا يقلّ شغفا بالأدب، وألقى بعضا من شعره الذي يتناول القضايا المصيرية الكبرى للأمة والوطن، وقضية المرأة، متوصّلا إلى قناعة راسخة بأن الوطن يظل المكان الأفضل برغم كل الظروف والإكراهات، مفصحا عن تهيّئه لإكمال بحوث معرفية تعالج الشعر الحسانيّ موسيقيا وفنيا وفق مقاربة نقدية وصفية. ومن نماذج شعره التي ألقى نصا بعنوان " رسالة إلى بغداد" جاء فيه:
أيا مصنع التاريخ مصدر ضوئه
ونبراسه الأسنى على القرب والبعد
ويا مصنع الأمجاد أيام عزها
منضّدة شمّاء مجدا على مجد
ففي حضنك التاريخ يأخذ شكله
ويشرب من نهريك ماهية الخلد
وتعشوشب الآمال في لهب اللظى
فتُكسى صحاريها من الورد والرّند
وكذلك من بين النصوص التي قدم نصا آخر بعنوان "فراشة الفل" يقول فيه:
كأنّ خفقتها نبض الفؤاد إذا
ما داعب الحبّ أوتار الشّرايين
فهل أنا أنت أم بالعكس أنت أنا
هلّا تبينت من رسمي وتلويني
أنا مع الحبّ لا فرق ألاحظه
في أن أكونك أو في أن تكونيني
ما أجمل الحب لمّا ترتقي كلفا
حتّى نعيش به دنيا المجانين
واختتمت الأمسية بكلمات الحضور الذين عايشوا أو رافقوا ضيف التجارب، مثمّنين النشاط وتجربة الشاعر د. محمد ولد اجريفين.