يمكننا القول إن الانفلات الأمني نتيجة طبيعية للمدينة، ولكن يجب تسييره والتغلب عليه، وذلك لن يتم إلا بوضع خطة ورؤية أمنية واضحة ومحكمة، تقوم على تفكيك الظاهرة وفهمها أولا وقبل كل شيء.
هنالك تجارب سابقة لكل من المغرب والجزائر والسنغال، يمكن لنا أن نستفيد منها في هذا الإطار، ففي تسعينات القرن الماضي عاشت مدن المغرب والجزائر موجة عنف شوارع غير مسبوقة، وأصبح هنالك رعب كبير من ظاهرة «الشفارة».
إلا أن المغرب انتصر على هؤلاء «الشفارة» الذين أغلبهم قصر تسربوا من المدارس وينحدرون من أحياء فقيرة، ولم يحصلوا على رعاية أسرية ناجعة، فكانوا ضحية منظومة اجتماعية فاشلة.
هنالك من يقول إن خطة المغرب بدأت بسجن أكبر قدر ممكن من هؤلاء الفتيان، وإعادة تأهيلهم، وفي النهاية تجنيدهم كأعوان للأمن، فبدل ترويع السكان أصبحوا يساهمون في فرض الأمن، ومقابل ذلك يحصلون على رواتب ومعونات تمكنهم من الحياة بشكل طبيعي.
نفس الاستراتيجية اعتمدت في الجزائر وكانت فاعلة، فأغلب «الشفارة» أصبحوا يعملون مع الشرطة، أولا ليساعدوها في فرض الأمن، وثانيا ليبقوا تحت المراقبة.
لذا فيجب علينا أن نبدأ بإصلاح السجون، حتى تكون مكانا لإعادة التأهيل، ثم إصلاح قطاع الشرطة الذي عانى لسنوات من الظلم والتهميش، ومنحه مسؤولية تأمين جميع أحياء العاصمة، لأنه جهاز أمني شبه مدني، وأكثر قدرة على مواجهة هذا النوع من العصابات.
والأكثر أهمية هو إلغاء التقسيم الأمني المعتمد في نواكشوط، فهو تقسيم غير منطقي، ويساهم في منح العصابات وأفرادها فرصة الفرار من العقاب، حين ينفذون جريمتهم في حيز جغرافي والفرار إلى حيز آخر، فيخرجون بذلك من دائرة اختصاص إلى دائرة اختصاص أخرى.
لا بد من التفكير أولا ثم العمل ثانيا.. يجب أن نتوقف عن الارتجال وعدم التخطيط.
حفظ الله الجميع..