بالنسبة للمترفين، سيقضون أوقاتهم وهم يضغطون زر التنبيه في سياراتهم وسط زحمة السير الخانقة. أما أبناء الطبقات الكادحة فسيقضون أوقاتهم أيضا في زحمة السير مضغوطين في سيارات الأجرة. في نهاية المطاف سيقضي الجميع مساءه في التأمل داخل الزحمة...
قال لي أحدهم في وقت سابق، أنه لا فرق بين الغني والفقير في مدينة نواكشوط. يأكلون نفس الطعام تقريبا ويذهبون إلى نفس "الخلوات" أيضا، لأنه لا يوجد في العاصمة ترفيه يناسب كل الفئات حسب دخلها. فلا الفقير يستمتع، ولا الغني يستمتع أيضا. لأنه لا يوجد ترفيه أصلا سوى انتظار الإشارة الخضراء إن وجدت أو الذهاب للمطاعم أو الشواطئ القفار..
حتى أن جسر مدريد الذي كنا نأمل أن يكون ملائما للتجوال والنظر للعاصمة من الأعلى لم ير النور بعد..
لا توجد ساحات خضراء مليئة بالنوافير
لا توجد حديقة للحيوانات، نريد أن نرى الزرافة والأسد عن قرب
لا توجد نصب تذكارية لرموز تراثنا المندثرة
يوجد متحف واحد يمكن أنه تعرف جميع أسراره في دقيقتين فقط
لا توجد جسور معلقة وأحياء قديمة داخل العاصمة مخصصة فقط للتراث تساعد الأجيال في التواصل مع ماضيها
لا توجد مراكز جادة للبحث تساعد الأجيال في التواصل مع مستقبلها
لا توجد مكتبات ضخمة متشعبة العروض..
لا توجد أرصفة تشجع على المشي بأمان
لا توجد أنشطة ترفيهية خارج نطاق "باتي عل خير"
لا توجد قطارات داخل العاصمة إذا ركبتها يمكن أن تنام فيها او تعثر بالصدفة على قصة جميلة وملهمة
لا توجد وكالات أسفار للسياحة الداخلية. إذا ذهبت إلى مدينة لا تعرفها عليك أن تبحث عن قريب ما يضيفك. لقلة العروض المخصصة للإيجار السياحي المناسب لمحدودي الدخل..
المدينة الجميلة نواذيب أنهكوها بالمصانع والإهمال، أما بقية مدن الداخل فمازال العطش وقلة الكهرباء يرهقانها ويجعلانها لا تجتذب الزوار إلا في أيام قلائل من الخريف والگیطنة..
في المقابل؛ هذا الزهد في البنية التحتية وأماكن الترفيه ليس من ورع العاصمة وتقواها والكلام لا يقال كله.
معظم سكان العاصمة مصابون للأسف "بالمجبنة"
رئيس البلاد لا يتكلم إلا قليلا ولا يخرج إلا قليلا ولا يبتسم إلا قليلا، والرئيس السابق محتجز في منزله، لم يعايدنا ويطلب منا السماح..
والبحث عن العمل يشبه البحث عن لبن العصافير...
الإعلام المحلي يزدحم بنفس الوجوه ويكرر نفس الأفكار عند إنتاج البرامج..
شيء واحد يميز العاصمة نواكشوط، أنها من أجمل مدن البلاد ولديها سحر غامض. يجعلك عندما تخرج منها تشتاق لها دون أن تعرف سببا ماديا لذلك الشوق...
ولا حول ولا قوة إلا بالله
Khaled Elvadhel