من الواضح للعيان، أن الشارع الموريتاني يسوده الكثير من التوتر والأضطراب في جانبه السياسي وحتى الأجتماعي، ولو دققنا في أسباب ذلك، لوجدنا عدة أسباب أهمها القمع،والظلم والفساد وغياب العداله الأجتماعيه، ومن الملاحظ أن هذه الاسباب مصدرها سلطوي حكومي، وأخر أجتماعي شعبي، أما مايتعلق بالجانب السياسي، فنجد أن السلطه تلعب دوراً جوهرياً في تكريس القمع والظلم أتجاه من يعارضها، وأي مظاهرات اواحتجاج او اي نوع من التعبير من طرف المواطن خط أحمر لا يمكن السماح به أطلاقاً، لذلك فهي تستخدم أشرس أنواع التعذيب والعقوبات، وأكثرها أيذاءاً لكل من تسول له نفسه التفكير بمظاهرات او احتجاجات، حتى يمكننا وصف ممارساتها بممارسات ذات نمط فرعوني، وذلك بسبب ماتظهره من تجبر وقسوه على أفراد المجتمع، حتى أصبح القمع والتعذيب في مجتمنا عادي جدا ولا يستنكره أحد وهنا اعني جماعات الضغط وكبار السياسيين واللوبيات الفاسده.
من المؤكد أن من مسببات القمع والظلم، هو فساد النظام ،واحتقاره للشعب ولا رأي غير رأيه مهما كان رأي غيره حكيماً، لأن رأس النظام يُخيل له أنه رأس الحكمه، وأنه وحيد زمانه، وليس هناك هامه علميه تطال هامته. هذا النوع من النظام يفقد الناس معه الشعور بالكرامه، ويحسسهم بالهشاشه والأنكسار النفسي، هذا من جانب، ومن جانب أخر هناك جانب لا يقل أهميه من الأول، الا وهو غياب العداله الأجتماعيه، والتي تعني غياب الحقوق، وهي من أقوى المشاعر التي تولد الحنق والكراهيه للسلطه، وتجعل النفوس تغلي من السخط عليها، وهذا السخط يزداد حده وضراوه كلما تراكم مع الوقت، وكلما كان الفساد والغبن شديد، ومؤلم، لأن الكرامه الأنسانيه لا تطيق الظلم مهما كانت درجته، ولو دققنا بأسباب الحروب وأكثرها لوجدناها بدافع الدفاع عن الحريه والكرامه المهدوره من قبل السلطات الوطنيه أو المحتله . أننا نرى لدى بعض الأنظمه سلوكاً يتصف بالعنجهيه والطغيان، وهو أنها تستخدم العنف والقسوه المفرطه ظناً منها بأنها تساعد على منع حدوث الأنفجار الشعبي من جراء تراكم الشعور بالقهر والحرمان، وفقدان العداله الأجتماعيه، ولكن ذلك لم يمنع قيام الثورات والأحتجاجات من قِبل الجماهير ضد النظام وسلطته القمعيه.
كما لاحظنا في الكثير من البلدان العربيه وغير العربيه وليست الثوره الماليه والانفجار الشعبي إلا نتيجه لهذه التصرفات
القمع والظلم والفساد وغياب العداله الاجتماعيه متوارث عندنا من كل الأنظمه المتعاقبة لهذا تاريخنا مليئ بالقمع لا ينافسنا عليه أحد من الشعوب، ضف الي ذلك غياب العداله الأجتماعيه، وهذا هو السبب الرئيسي لسخونة الشارع الموريتاني وظهور مظاهر العنف ضد المواطنين وتعذيبهم وزج بهم في السجون وذنبهم الوحيد مطالبتهم في الحقوق وان يعاملو كمواطنين
ان تراكم القمع الطويل وغياب العداله الاجتماعيه والفساد والتدوير والمحسوبيه من قِبل الأنظمه المتعاقبه والتي أرتكزت سلطتها على مرتكزات عنصريه وجهويه ستفجر شارع يوما ما .
يري البعض ان المظاهرات في موريتانيا ستأخذ مده أطول وتتزايد أعداد المتظاهرين وتتراكم الاسباب حتي تنفجر مره واحده
لأنها تنفيس لما سبق من حرمان وردة فعل لغياب العداله الأجتماعيه من قبل الدوله أزاء مواطنيها، خاصه وهناك مظاهر واضحه وكبيره تتجلى فيها مظاهر التميز بين أبناء الشعب الواحد. كما أننا لا نستطيع تجاهل القمع والظلم الأجتماعي المتأتي من العادات والتقاليد الأجتماعيه وخاصه القبائل، والتي يظلم فيها القوي الضعيف، وتهضم فيها حقوق الكثيرين، وخاصه في حقوق الملكيه،
إننا نعيش اليوم دوامة قمع وتعذيب المطالبين بحقوقهم سواء كانو طلاب او معلمين ام عمال شركات ....، وهذا ما يجعل شارعنا الموريتاني دائم التوتر والغليان، فهذه الأسباب مجتمعه جعلت من القمع حاله مترسخه في مجتمعنا، ومرض عضال نعاني منه على طول الزمن. كما يجدر بالأشاره الى حاله من الضروري الأشاره إليها، والتي غفل عنها الكثير، وهي نقطه حساسه، وسبب هام في تصاعد التوتر الأجتماعي، الا وهي تصاعد وتيرة الأعتداء أو التجاوز على الخصوصيه الفرديه، وهذا يحدث بمستويين، واحد أجتماعي، ومن قبيل الفضول ، والضغط بأتجاه فرض النمط الواحد، ومحاولة المجتمع بأذعان أفراده للسياق السائد، وأخر يمارسه النظام القمعي الشمولي اللذي يفرض على الناس نمط الحزب الواحد، واللون السياسي الواحد، وفرض العقيده الحزبيه الواحده على الناس، وهذه الظاهره مارستها بقوه كل الأنظمه المتعاقبه، فالمواطن وخاصه الطالب والموظف يجبر على الأنتماء للحزب الحاكم من قبل الاقارب، والانتماء لهذا الحزب يجعل حظوظه في التوظيف اكثر، ولا يسمح له بأختيار العقيده السياسيه التي يراها هو بنفسه، مما يسبب للمواطن ضغطاً نفسياً كبيراً بسبب الشعور بالقمع والضغط والأجبار على الأنتماء، في حين حرية الأنتماء والعقيده مبدأ أساسي من مباديء حقوق الأنسان . أن ما نشاهده من هشاشه وفتور بالهمه، وبرود وأنكسار، وشعور بالأحباط، سببه الظلم المستمر، وعدم شعور المواطن بالقيمه والكرامه الأنسانيه، والذي يزيد من تضخم الشعور بالقهر لدى المواطن، هو معرفته أن دينه يمنع كل ممارسات القمع والظلم الأجتماعي، بل هو يحفظ على ظهر قلب المقوله الدينيه التي تقول (متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، فالتناقض بين ما أدانوا به، وما تربوا عليه، وبين ممارسة النظام، وضغط العادات الأجتماعيه الظالمه هو مصدر أساسي من مصادر الأستياء والتوترر في الشارع الشعبي، وهو السبب في أحتقانه المستمر، وما ظاهرة العصبيه لدى المواطن الموريتاني وسرعة الغضب، والهيجان، الا ردة فعل لحالة الظلم الطويله والقاسيه التي تعرض لها عبر أجيال متواليه، وما عاناه من غياب للعداله الأجتماعيه، ولذلك قيل (العدل أساس الملك)، وهذا ما أكدته الآيه الكريمه (وأذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).