نحو موالاة ناطقة
منذ دخولنا العهد الديمقراطي سنة 1991م، تعاقبت على بلادنا أنظمة عديدة انقسم الموريتانيون في مواجهتها إلى صنفين لا ثالث لهما، إما موالاة منافحة عن كل شيء أو معارضة ساخطة على كل شيء.
ولعل الخلل الكبير وهو ما يهمنا هنا، الذي وقعت فيه الجماعات الداعمة للأنظمة المتعاقبة على الحكم، هو ذلك الدعم غير المتبصر، فعين الرضا عندهم عن كل عيب كليلة، ولذا تجدهم يسوقون المبررات لكل فعل مشين أو محمودا دونما لجوء لفهم أو تعمق في المعطيات القائمة حيث جميع أفعال النظام محمودة وبعيدة كل البعد عن الشوائب حتى تصل في مرحلة ما إلى انعدام النصيحة –التي هي أضعف الإيمان- لتصحيح أي خلل أو أمر يمكن تداركه.
وإذا ما استعراضنا على سبيل المثال، مجمل الزيارات التي يقوم بها الرؤساء داخل العاصمة أو على مستوى الولايات سنجد كيف تقوم هذه الموالاة بتحويل الواقع المرير وضنك العيش الذي يعيشه المواطن إلى رغد عيش وطيب مقام وذلك بمشاركة المتضررين أنفسهم الذين يجلبون للتعبير عن وفائهم وشكرهم وعرفانهم بالجميل على إنجازات لم تصنع، وتحسين ظروف لم يتم السعي أصلا لها، هذا فقط من أجل إقناع القائمين على الشأن العام بمجموعة سياسية معينة لتأخذ بدورها جميع المنافع ويبقي قليلها –إن بقي- للجمهور الذي سيرجع إلى أعرشته أو دوره المتهالكة حيث لا ماء ولا مرعى.
ومن أوجه الموالاة غير الناطقة ما نجده تحت قبة البرلمان حيث يتم تمرير جميع مشاريع القوانين المعروضة من الجهاز التنفيذي- حتى مع وجود اعتراضات محتملة في مجالس الرؤساء- فالجميع يوافق في الجلسات العلنية حيث لسان حالهم والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين.
وللإنصاف فإن دور الأغلبية الحاكمة هو الدفاع عن برنامج جهازها التنفيذي غير أن الطريقة العمياء التي تقود بها بعض النخبة عملية الدعم تفرغها من محتواها بما يفقدها الدور المحوري الذي ينبغي أن يطلع به.
ولنا أن نتساءل هنا، ونحن في بداية مرحلة جديدة، أما آن الوقت للخروج من هذه الحالة؟- التي يتحمل أهلها جل ما نحن فيه من مآس- إلى موالاة تسعى للنصح، منهجية في طرحها، قادرة على البناء لا الهدم، مشاركة بما ينفع الناس ويمكث في الأرض وليس العكس.
في اعتقادي أن استلام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للحكم وما صرح به حتى الآن وما قام به يجب أن يقود لفهم جديد لما يجب أن تكون عليه الأمور حيث يبدو أن الإرادة صادقة للخروج من عنق الزجاجة والإبحار إلى بر الأمان.
أملي كبير في مسايرة نخبتنا السياسية لهذه التوجهات – إن هي أرادت إصلاحا- والأخذ بأسباب النصح والتوجيه إذا ما لوحظ خروج عن السكة أو دفع بغير مصلحة .
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب صدق الله العظيم
رئيس حزب الغد
سيد احمد ولد حمادي