كل المؤشرات توحي بأن عزيز قد يمضي إلى حتفه بنفسه،بعد أن فاتتْه الشهادة فى (لمغيطي)، ونجَّاه الله من سيارة مفخخة على مشارف انواكشوط،ومن رصاصة (الطويله)، ومن هبوط اضطراري لمروحيته فى الشرق الموريتاني.
لقد استمرأ الغدرَ ونكرانَ الجميل، فغدر بالرئيس معاوية وهو قائد حرسه، وأنكر جميل محمد ولد بوعماتو وهو سنده الأقوى،وجميل المرحوم اعلي ولد محمد فال وهو منقذه من الضياع ،و غدر بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله وقد ائتمنه، وسلَّم السنوسي وقد استجار به، وهاهو يدبر مكيدة للرئيس غزواني،صديقه الوفي ورفيق دربه.
غادر عزيز موريتانيا بطريقة سيئة وعاد إليها بطريقة أسوأ: غادرها وتُهَمُ الفساد تلاحقه وتملأ حقائبه المشبوهة،وعاد إليها نافخا ريشَ ثراءه الفاحش فى الجو وعلى الأرض: رحلة خاصة لثلاثة أفراد، وصور لتبذير أموال شعب عاث فيها تسعة رهط كما يعيث فيلٌ هائج فى مخزن للخزف.
رسالة عزيز للشعب الموريتاني كانت واضحة عند عودته: أنا لستُ غزواني الذي يسافر على نفقته الخاصة لعيادة زوجه، و يحشُرُ نفسه بين أعضاء وفده فى طائرة صغيرة وهو فى مهمة رسمية، أنا أحتقركم جميعا:أتمدَّدُ واثنيْن من أهلي فى أكبر طائراتكم دون أن أدفع خُمسا واحدا ،فقد تعوَّدْتُ أن يدفع عني رجل أعمال أو جهة منحتُها ما لا أملك ولا هي تستحق.
من المنطقي أن لا يروق لعزيز سعيُ غزواني إلى خلق مناخ سياسي هادئ، وإضفاء مسحة أخلاقية عليه ،فالشعبوية الباقلية وتعييرُ الخصوم السياسيين بالهَرَم وعيبُ الفاسدين بالدَّبَر طحالبُ عزيزية لا تنمو فى جو سليم.
وحين يتحدث الناس عن إلغاء مذكرات الاعتقال الجائرة ضد محمد ولد بوعماتو والمصطفى ولد الإمام الشافعي ومحمد ولد الدباغ يُجَن جنون عزيز ويندفع إلى مزيد من التهور،ويتصور نفسه محاصراً فى قفص الانتقام، لا يأسف عليه أهلٌ ولا يذكره بالخير جارٌ ذو قربى ولا جارٌ جنب.
و حين تُرفع دعوة هنا وهناك لمساءلته عن عشر سنوات من الحكم كان له فيها خَراجٌ من كل شيء، تقول له نفسه الأمارة بالسوء : لا تَخفْ فما غزواني إلا نسخة معدَّلة صوفيًا من الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، و لن تكلفك تنحيته أكثر من تحريك كتيبة المأمورية الثالثة.
على عزيز أن كل ملفات العشرية المشؤومة قابلة للاشتعال عند أول احتكاك، فليته نأى بنفسه عن مواطن الضرام،وليته توقف عن إهانة الرئيس غزواني وأعانه – فى المقابل- على حمايته من نفسه أولا ومن مستقبل ليس ورديا بالضرورة.
وليته فهم أن إتقانه للانجليزية فى شهر واحد أهونُ عليه من العبث بموريتانيا من جديد.
السفير السابق : باباه سيدي عبد الله