حكاية شوارع كيغالي مع النظافة، التي جعلت منها أنظف عاصمة في إفريقيا على الإطلاق، بدأت منذ سنوات بمبادرة وطنية اشترك فيها جميع المواطنين الذين شرعوا في عمليات جماعية وتطوعية لتنظيف أحيائهم وأزقتهم؛ وهو ما جعل مدينتهم تدخل مرحلة جديدة من الحضارة أصبحت معها تضاهي كبريات الحواضر في أوروبا، حتى أن الأمم المتحدة اختارتها سنة 2015 كأجمل مدينة في إفريقيا.
اما حكاية شوارع انواكشوط مع الاوساخ والقمامات فقد بدأت منذ زمن بعيد وماتزال كاذلك مدينة مستخة رغم عديد حملات النظافة التي لم تعمر طويلا ولم تضف جديدا يذكر
مشكلة تراكم القمامة، ظاهرة باتت موجودة في جميع شوارع العاصمة منذ سنوات وذلك بعد أن تغيرت المنظومة من التعامل مع الاوساخ، إلى التعاقد مع شركات نظافة أجنبية،(ابيزيرنو) إلا أن العقود كان يشوبها الكثير من المشكلات، حسب بعض المحللين المهتمين بالموضوع لذلك فشلت العاصمة انواكشوط في أن تسيطر على هذه الشركات لتنظيف شوارعها، وبعد انتهاء العقود تحررت العاصمة من قيود هذه الشركات الأجنبية، وأصبح لا يوجد حجة لدى المسئولين لتعليق شماعة فشلهم عليها، حيث كانت شركات النظافة الأجنبية المتهم الأول في تراكم القمامة وتشويه منظر شوارع العاصمة، ولكن بعد مغادرة الشركات الأجنبية ونزع صلاحيات النظافة من البلديات ومنحها ل (اتحاد ارباب العمل ) من المتهم التي ستعلق انواكشوط عليه فشلها.
الصفقة منحت لرجل اعمال مقرب جدا من النظام وذالك باسم اتحاد ارباب العمل غير ان الرجل اثبت فشله ..فالشوارع لا تزال تعج بتراكمات القمامة والصورة اصبحت اكثر قتامة مما دفع الحكومة الي التدخل والاستعانة بالهندسة العسكرية التي تحدثت مصادر موثوقة عن نية الدولة منحها صلاحيات نظافة المدينة بشكل رسمي ونزعها من الاتحاد الفاشل
وكانت مجموعة انواكسوط الحضرية سابقا جهة انواكشوط حاليا قد تخلت عن المشروع قبل سنوات لصالح أربع شركات تم التعاقد معها لنظافة انواكشوط بغلاف مالي يزيد على 8 مليارات إلا ان غياب الخبرة وشح الموارد دفع بهذه الشركات إلى السقوط والفشل الذريع في المهمة لتقرر لجنان الحكومة المختصة سحب الملف و ايعازه من جديد الى حضرية انواكشوط ولكن بشكل معتمد حسب مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء ينص بإنشاء إطار ناظم خاص بتسيير النفايات ومراقبة المجال الحضري
الحكومة الموريتانية منذ ازيد من عقد من الزمن سحبت صلاحيات نظافة انواكشوط من المجالس البلدية حيث كانت أول تجربة هي انتزاع ملف النظافة من المجالس البلدية إبان المرحلة الانتقالية ، ومنحها للشركة الفرنسية "بيزيرنو" ، وبعد فك الارتباط مع الشركة أحالت الملف للمجموعة الحضرية سابقا وظلت الاخيرة مضطربة فى تعاطيها معه، فتارة تتولاه، وفى بعض الأحيان تمنحه لبعض الشركات، وظلت التجربة قاصرة وغير مقنعة، رغم مطالبة العمد المستمرة
والسؤال الرئيسي هنا أين الخلل الأساسي هل الحكومة هي السبب الأساسي للنظافة أم المجتمع شريك أساسي في تراكم النفايات وتناثرها ؟
رغم كل هذا ماتزال النفايات والاوساخ منتشرة في كل ارجاء العاصمة حتى ذهب البعض إلى تصنيفها انها العاصمة الاوسخ على وجه الارض ..شكاوى متعددة واصوات تعلو وتصرخ بما يعانيه المواطن من انتشار مذهل للنفايات وتراكم الاوساخ على الطرقات