يكتنز باطن الأرض الموريتانية وظهرها وماؤها أنواعاً متنوعة من الثروات الطبيعية، فموريتانيا تملك ثروات معدنية كالحديد والنحاس والذهب، ولها نصيب من النفط وتنتظر طفرة غازية، وكذلك لها شواطئ غنية بالأسماك والثمار البحرية، وقسم من أرضها خصب ممتد وشاسع.
إلا أن ذلك لا ينعكس على واقع حياة الناس، حيث تصل نسبة الفقر في موريتانيا إلى 31 في المئة حسب الحكومة الموريتانية، بينما تقول إحصائيات أخرى أن النسبة هي 45 في المئة من سكان البلاد، 75 في المئة منهم من سكان الأرياف.
لمعان الذهب لا يصل الجميع
يبلغ احتياطي موريتانيا من الحديد 1.5 مليار طن، وقد بدأ استخراجه أيام الاستعمار الفرنسي، على يد شركة "ميفرما" (1952)، بشراكة بين المستعمر الفرنسي وتجار غربيين. وكانت حصة موريتانيا بعد الاستقلال 5 في المئة فقط من هذا الإنتاج، وبدأ تصدير دفعات خام الحديد إلى الخارج منذ العام 1963.
وفي عام 1974، قام المختار ولد داداه، أول رئيس للبلاد بعد الاستعمار، بتأميم الشركة، بعد نضالات خاضتها القوى الوطنية، وأصبحت تعرف بـ"الشركة الوطنية للصناعة والمناجم" (سنيم). وتملك موريتانيا اليوم 78 في المئة من رأس مال الشركة، والبنك الكويتي الصناعي 7 في المئة، بالإضافة لمساهمين آخرين.. لكن الشركة شهدت في السنوات الأخيرة تقهقراً، وأصبحت مهددة بالإفلاس (1)، بسبب الفساد وبسبب إنهاكها باستثمارات خارج ميدانها، ومنحها قروضاً للخواص.
أما الذهب الذي لم يبدأ استغلاله بشكل حقيقي إلا في العام 2008، كحال النحاس، فيبلغ احتياطي موريتانيا منه 25 مليون أونصة، ويصل احتياطي النحاس إلى 28 مليون طن، وهناك معادن أخرى تزخر بها موريتانيا، مثل الكوارتز، الذي يبلغ احتياطيها منه 11 مليون طن، والملح الذي يبلغ احتياطيها منه 245 مليون طن، وأما الجبس فيصل احتياطيها منه إلى 100 مليون طن (2).
ويستثمر في مجال المعادن ما يزيد على 82 وكيلاً ما بين أجنبي وموريتاني، هذا بالإضافة إلى فتح باب التنقيب السطحي التقليدي عن الذهب أمام المواطنين الموريتانيين في العام 2016، وهو مجال دخله آلاف الموريتانيين أملاً في تحسين ظروفهم، لكنه كان فخاً لأغلبهم وطريقاً للمعاناة. ويقول سيدي عبد الله البخاري (3)، وهو أحد الذين جربوا هذا المجال : "تتعدد صنوف معاناة المنقبين التقليديين، وقد ظهرت بينهم عدة أمراض، وخاصة تلك المتعلقة بسوء التغذية لأن الغذاء المتوفر في المنطقة سيء جداً. وكذلك ما يتعلق بالمناخ فالرياح هناك شديدة والغبار أشد، ويؤثر على أجهزة التنقيب ومولدات الكهرباء، والمنطقة شديدة الحرارة في الصيف وشديدة البرودة في الشتاء".
يكلِّف الحصول على رخصة للتنقيب التقليدي السطحي خمس آلاف أوقية (الأوقية هي العملة المحلية، والدولار الواحد يساوي 356 أوقية، والحد الأدنى للأجور هو 33 ألف أوقية)، وصورة من بطاقة التعريف وصور شخصية. يقول سيدي عبد الله : "هناك من ذهب على أمل تغيير واقعه، لكنه فقد ماله ولم يجد عوضاً عنه ذهباً ورجع خائب الرجاء". ويرى البخاري أن "المستفيد الأكبر هم أصحاب الضرائب وأصحاب الشاحنات التي تقل الناس، وأصحاب الماكينات التي تطحن الحجار، وأصحاب الحرف اليدوية كمصلحي مولدات الكهرباء ومن يحفرون الخنادق". الطريق للوصول إلى قلب إندور (بداية فتح الحقل كان في سنة 2018)، في الشمال الموريتاني شاق جداً، الحقل هو أكبر المناطق المسموح بالتنقيب السطحي فيها، والشاحنات تقل المنقبين وتعود، لأنه ممنوع على السيارات الشخصية العادية الذهاب إلى هناك.
أحمد ولد جدو ..كلتب موريتاني
نقلا عن اقلام حرة