ارموهم بالحجارة هؤﻻء خوارج
عام الوفود...
قرأت على صفحة الحسن ولد المصطفي محمد للكنتى بهذا العنوان ، وكان عنوانا موفقا حيث جعلنى أقرأ ، فمثل هذه المحتويات لا تزيد الفكر إلا هبوطا فى القاع السحيق من الكرامة والموضوعية ؛ وهي قطع من كرامة تباع بالتجزئة عند جزار الحي .
فمن العنوان ...إلى قوله : أدركت القبائل أن الدعوة تتجاوز الطموح القرشي إلى تكوين دولة ونشر ديانة فتسابقوا لحجز مواقع لهم في الدولة الجديدة... تبين أنه كان زيادة من الجزار للخادمة ، وتطيب لخاطرها لتسكت عن ما تضمن المحتوى مما لا يصلح للإستهلاك ، ولخروجه عن السياق ، ولأنه كان قياسا مع الفارق .
وأما ما تضمنه فى الفقرة التالية فكان خبرا لكان ، التى زجرت طائر الشؤم للقذافى ، ومن بعده للبشر وبوتفليقة الجزائر حيث كتب : (تربصت الأحزاب السياسية عشرية كاملة. جربوا الثورة، والرحيل فحصلوا على الخف الأول، ثم تابعوا السير بين السوق وابن عباس ليلتقطوا الخف الثاني في الانتخابات. تمنوا انقلابا، فأعجزهم. فعلقوا كل آمالهم على مأمورية ثالثة بددتهم في صحراء السياسة.. فتسللوا فرادا، ثم "بادروا" جماعات.. "يلتحقون"، "يساندون". أما في الدمن المجدبة "فالرفاق حائرون.. يفكرون .. يتساءلون .. يتهامسون .. يتخيلون: مرشحي من يكون! أشياء وأشياء .. وأسماء وأسماء .. ويضيع كل هذا هباء!" وحتى ينقذ ما يمكن إنقاذه، صرف فعل الكينونة في كل الأزمنة.. "كنا.. وكنتم/ كنتم، كنا/ أقوى منكم.. أضعف منا/ فينا.. فيكم/ فيكم.. فينا/ ونسينا.. ونسينا/..../ أن الكذبة أضحت دينا." ) وصدق فى كل هذا ، حيث إن معارضتنا تتسم بتقديس الذات ، وتضخم الآنا ، غير أنه كعادته مجتزئ بما يصلح لترويج إرث ثمود .
ثم طفق يجمع من تاريخ الأمة الإسلامية ، ما يستشهد به ، لتسويق زعم بدت صورته واضحة السوءة ؛ ونسي أن يدعو للمباهلة ، لكننا هنا ولسنا من القوم ، ندعوه بدعوة الله : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ولن يجيب لعلمه أنه مفتر ، فالتشبيه لا يفيد بيانا بقدر ما يتضمن إلحادا وكفرا لحقيقة ؛ قال جل من قائل : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) صدق الله العظيم.
ثم كتب : ( كان وفد نجران "عادلا"، فقدم نساءه بين يدي ثلة من الرجال الذين ذابوا سريعا في الدعوة الجديدة، فقد كانوا أهل كتاب. ثم نادى "تكتل" تميم من وراء الحجرات، فمنهم من أخذ لنفسه، ومنهم من ألف العناوين الكبيرة، فاتخذ له مذهبا "تجمع" فيه من آفاق شتى "مهاجرون" يحفزهم رفد الأنصار، وتغريهم "أضواء" المدينة... ثم تقاطرت وفود "ثقيف" فكانت الأكثر عددا؛ كل بطن خلف راية زعيمها، وبين يديها ينشد خطيبها.. "إنكم تنزفون!... تساقط الرطب..." بقي من سادة القبيلة زعيم واحد يحوم حول الحمى.. يقدم تدوينة، ويؤخر توضيحا.. فلا يزال حيث كان.. في التيه. يطلب خلافة، وربما منع عود أراك... وكنا في الأغلبية "أنصارا" يحبون من هاجر إليهم، ويعدون العدة لحروب الردة، مرددين.. "إذا جاء نصر الله والفتح..." ) ولم يكن الكاتب الفذ عثمان ابن أبي العاص ، أحرى أن يقتفى أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صدق القول وحب الخير للبرية والسعي لهداية الناس عامة ، أو أبى بكر فى الصدق ، إنما فضل أن يتذكر جاهليته فى مهجر القومية السلولية ، والمتجنية على قومية المبادئ .
لست سياسيا و لا ينبغى لى أن أكون كذلك ، على الأقل فى منكب كمنكبنا مريض بداء الإجتواء من الموضوعية ، وغذي مثقفوه برجس الملق ، فأخبتت نفوسهم الضعيفة لفتنة مرق السلاطين .
أبى محفوظ
